فتى الأحلام هو بطل كل القصص المكتوبة، أو المنقولة شفهياً، والمخصصة للفتيات الصغيرات، وعندما تحل سنوات المراهقة يهيمن هذا الفتى على خيال البنت، ترسم له مواصفات جمالية وأخرى تتعلق بالشخصية، والأهم أن هذا المفهوم لا يتلاشى نهائياً مع الدخول في سن النضج... ويستمر البحث مترافقاً مع سؤال «فتى الأحلام، من يكون؟»

جانا رحال
تتذكر ليال ناصر (21 سنة) الطالبة في كلية إدارة الأعمال الساعات الطويلة التي كانت تمضيها وهي تفكر في فتى الأحلام، تروي كيف كانت ترسم له أدق المواصفات، تقول: «كنت أجلس على سريري وأحلم به، كنت أريده أشقر، عيناه زرقاوان، طويلاً، نحيفاً، وأنيقاً جداً». لم تكن تهتم ليال بمواصفات تتعلق بشخصية هذا الفتى فكل ما كانت تبحث عنه هو الشكل الجميل. ولكن الآن تغير الوضع، إذ لم تعد تعير الشكل أهمية، «صرت أحلم برجل محترم، خلوق، متعلم وحنون، والأهم أن يحبني».
أما رشا الراوي (20 سنة) فتقول إن كل الفتيات يفكّرن ويبحثن عن فتى الأحلام «أعتقد أن هذا شيء طبيعي، ولكننا غالباً لا نحصل عليه».
رشا أيضاً تؤكد أن مواصفات «فتى الأحلام» تغيرت مع مرور السنين، ففي مرحلة المراهقة كانت تريده متماشياً مع الموضة، مضحكاً أحياناً «مصروع»، ولم تكن تهتم بعمله ولا دراسته، أما الآن، فتقول «أريده متعلماً، ومحترماً، قادراً على تحمّل المسؤولية».
زينب حبيب (24 سنة) تعتقد «أن فكرة فتى الأحلام تزول بعد المراهقة لتحل مكانها فكرة البحث عن الرجل المناسب». وترى أن مصطلح فتى الأحلام «مرتبط بالزمن الماضي عندما كانت المرأة تنتظر عريساً لا تتعرّف إليه إلا يوم الزفاف، فكانت تحلم به وتفكر في مواصفاته ليلاً ونهارا»ً.
توضح المعالجة النفسنية نادين لحود أن المراهقة تؤدّي دوراً كبيراً في تحديد مواصفات فتى الأحلام أو تغييرها. فإذا كانت الفتاة تعيش مرحلة المراهقة بسلام وفي بيئة مناسبة خالية من المشاكل، أمكنها العبور إلى مرحلة النضج بشكل سليم، وبالتالي تتغير مواصفات فتى الأحلام التي كانت ترسمها في سني المراهقة، أمّا إذا كانت وطأة المراهقة كبيرة على الفتاة، فلن تستطيع التخلّص من تأثيرات هذه المرحلة العمرية.
وتشدد لحود على أن كل فتاة تختلف عن الأخرى، وأن صورة فتى الأحلام تعتمد على شخصية الفتاة والحياة التي تعيشها. وتؤكد «أن نضج الفتاة العاطفي وإرادتها هما العاملان اللذان يحدّدان مدى تعلقها بـ«فتى أحلامها»، ومدى سعيها للبحث عنه وجعله واقعاً».
يمكن أن يلتقي المرء فتيات جامعيات، وقد يفاجأ حين يسمعهن يتحدثن عن «فتى الأحلام» كما تفعل الفتاة في مرحلة المراهقة المبكرة. ناتالي شموس (19سنة) تنتظر فتى أحلامها وتفكر فيه دائماً وتريده «طويلاً، وضعيفاً، وأسمر، وأن يكون رجلاً محترماً، والأهم أن يكون أنيقاً». وتكمل أنها تحلم بقصة حب يتكلم عنها الجميع. أما صديقتها رنا (20 سنة)، فتدرك أن «المواصفات الكاملة» التي تحلم بها لن تتحقق «لأن الحلم شيء والواقع شيء مختلف»، لكنها لا تتوانى عن التفكير الدائم في فتى الأحلام الخيالي الذي لن تجده في حياتها «التفكير في فتى الأحلام غير الموجود يعطيني الأمل ويجعلني سعيدة».
تعلّق المستشارة في علم النفس الدكتورة زينب عيسى على أن صورة فتى الأحلام تتميز بالحركة والتطور تبعاً للدينامية النفسانية والاجتماعية، ومن هنا «تبدّل رؤية الفتاة المراهقة لصورة فتى الأحلام من صورة مبنيّة على الأحلام والتوقعات غير المرسومة إلى صورة أكثر متانة».



في المرحلة الجامعية تتغيّر نظرة الفتاة إلى مسارات الحياة، وتتغيّر سلوكياتها وعلاقاتها الاجتماعية، فهي بدأت مرحلة جديدة تتعرّف خلالها إلى أشخاص كثيرين من مشارب مختلفة، وقد تعيش تجارب تجعلها تعيد النظر في بعض أفكارها، وغالباً ما نسمع أنها في هذه المرحلة «تصطدم بالواقع» فتدرك أن أفكار المراهقة هي أفكار خيالية وواهية. وفي هذا الإطار تقول عيسى إن مقوّمات البنية النفسية عند الفتاة في طور الدراسة الجامعية تصبح لديها أكثر نضوجاً «أي أكثر قدرة على المشاركة والتفاعل والواقعية والتقدير الموضوعي للأمور».
تؤكد لحود أن المحيط الذي تعيش فيه الفتاة له تأثير كبير في رسم صورة فتى الأحلام. فالعائلة تؤدّي الدور الأكبر وتحديداً الأب «الفتاة تتأثر بصورة أبيها، فإذا كانت علاقتهما جيدة، تكون صورة فتى أحلامها شبيهة به». وللأم أيضاً تأثيراً في الفتاة، وذلك من خلال الحديث غير المباشر عن الرجل، وقد تكون العلاقة بين الأم والأب عاملاً لاختيار صفات معيّنة لفتى الأحلام دون سواها. وتضيف لحود إن التربية التي تقدمها العائلة تؤدّي دوراً في تحديد الجانبين العاطفي والمنطقي عند الفتاة، كما أن الإعلام يعطي الفتاة صوراً معيّنة لفتى الأحلام من خلال الإعلانات والإنترنت وكل وسائط الإعلام الأخرى، التي باتت مؤثراً كبيراً في مختلف جوانب حياتنا اليومية.
من جهة ثانية، ثمة نسبة مرتفعة من الفتيات اللواتي يبتعدن عن الصورة التقليدية للفتاة الحالمة، ويؤكدن أنهن يحلمن بالمشاركة في بناء عش الزوجية وتحمّل المسؤولية المادية مع شريك العمر، وفي هذا الإطار تلفت لحود إلى أن ظروف الفتاة والبيئة التي تعيش فيها هي التي تحدّد مدى استعدادها لأن تكون امرأة فاعلة، ومدى استعدادها للارتباط برجل لا يشبه الفارس الذي يأتي لينقلها من منزل ذويها إلى منزله دون أن تقوم هي بأي مجهود.


عيسى تُرجع سبب التعاون بين الفتاة والشاب إلى أن النضج النفسي بمقوّماته البنيوية والوظيفية والتفاعلية يعطي زخماً للفتاة لتكون مساندة لفتى الأحلام أو شريك العمر. وتضيف إن الفتاة تفضّل أن تبني قاعدتها الزوجية مع الحبيب. والبناء ينجح إذا قام على أساس من الرغبة الأكيدة في التوصّل إلى رباط زوجي