رامي زريقورد منذ فترة قريبة على صفحات هذه الجريدة خبر يفيد بنيّة الأمم المتحدة فرض عقوبة مالية تبلغ مليار دولار على إسرائيل، كتعويض عن الأضرار المالية والبيئية التي سببها قصف معمل الجية الحراري الذي أدى إلى تلوث البحر بآلاف أطنان المازوت، وإلى إحداث أكبر كارثة بيئية في تاريخ شرقي المتوسط. طبعاً، من المستحيل أن يكون ذلك الخبر صحيحاً، فليست لدى الأمم المتحدة الجرأة الكافية لمعاقبة إسرائيل من دون معاقبة ضحاياها أولاً. هذا هو مبدأ الليبرالية «الحضرية» التي تسعى إلى المساواة على جميع الأصعدة، حتى بين الجلاد والضحية. ومن الطريف أن الدولة اللبنانية لم تتقدم بأية شكوى رسمية (غير ذلك الكلام الروتيني الفارغ الذي لا يسمعه أحد في نيويورك) منذ وقوع الكارثة. مع أن الأمم المتحدة قد ابتكرت محكمة دولية خاصة بالأضرار البيئية، واستعملتها لفرض عقوبات على العراق وصلت إلى عشرات مليارات الدولارات بعدما احتل النظام العراقي الكويت وأحرق آبار النفط، مسبباً كارثة بيئية ضخمة.
وبما أننا فتحنا ملف تعويضات الحرب، فلا بد من أن نتذكر أن الجهات الدولية المعنية بنزع الألغام قد أعلنت تجميد برنامجها في لبنان، في اليوم نفسه الذي أصيب فيه مزارع جنوبي بجروح بالغة نتيجة انفجار قنبلة عنقودية. يرفع هذا الحادث عدد ضحايا العنقوديات منذ آب 2006 إلى أكثر من 300 ما بين قتيل وجريح، بمن فيهم 52 من نازعي الألغام.
لا تزال أرض الجنوب ملوّثة بمئات آلاف الألغام وملايين القنابل العنقودية التي تحصد يومياً أهلنا وتبعدهم عن أرضهم. لا تزال إسرائيل ترفض الإدلاء بأي معلومات تسهّل نزع الموت الموقوت. ولا تزال وزاراتنا وبعثاتنا في الأمم المتحدة كما في باقي العالم تلتزم الصمت، صمت الحملان.