في عاصمة الجنوب الرمضانية، انتظار لتحقق وعود الفاعليات السياسية بتقنين أقل قساوة يتناسب مع دوام الشهر الكريم. لعل ذلك يتيح للمدينة أن تتنفس قليلاً
صيدا ــ خالد الغربي
تتلمّس ملاك حمزة (6 سنوات) على ضوء شمعتها المتراقصة اللهب، الطريق إلى منزلها في سوق الصاغة في صيدا. يبدو المشهد غريباً، وخصوصاً أننا في وضح النهار. لكنه ليس أي نهار، بل نهار الأحياء القديمة التي تتكون من عقد وزواريب يصفها المواطن مصطفى مكاوي بأنها أقل تعقيداً وتعتيماً من ملف الكهرباء نفسه. ويتساءل الشاب الصيداوي عن مصير «ما فتح ورزق» من أموال المواطنين التي صرفت على «مداواة» هذا القطاع، يعني بذلك محاولة إيجاد حلول لمشاكله المزمنة.
بين الوعود السياسية والحقائق على الأرض، تستمر أزمة الكهرباء في مدينة صيدا، شأن الكثير من المناطق اللبنانية. والتقنين، شأنه شأن كل شيء، بات موضع صراع بين أنصار هذا التيار أو ذاك بغضّ النظر عن مواقف السياسيين أنفسهم. «الست (وزيرة التربية بهية الحريري) جابتها بالقوة»، يروّج أنصار الحريري في صيدا مفاخرين، فيردّ عليهم «بزوري»، أي من أنصار رئيس البلدية عبد الرحمن البزري «بس الحكيم سبقها وعمل اعتصام بـ(منطقة) التعمير».
لكن، وبعيداً عن تلك التجاذبات الواقعة في باب الزجل، ما هو وضع الكهرباء هناك؟ تتغذى منطقة صيدا بالكهرباء من معملي «الجية» و«الزهراني»، والتقنين الذي تخضع له الأحياء السكنية بات يطال، ولو بنسبة أقل، ما يسمى بالعاميّة «خط الطوارئ» الذي يغذي المؤسسات العامة، والمستشفيات والإشارات الضوئية، والذي درجت أخيراً، «عادة» التعليق عليه. وحتى المؤسسات السياحية، والتي كانت التغذية فيها تصل إلى 20 ساعة، تقلص حجم تغذيتها. فبات الناس يأملون أن يكون شهر رمضان الكريم، كريماً بالتيار، كما وعد كلّ من «الست» و«الحكيم» حين قالا إن التيار في رمضان سيكون لأربع عشرة ساعة يومياً من موعد آذان المغرب إلى الصباح.
«قوموا على سحوركم جايي الكهربا تزوركم» تقول الصيداوية مريم الحبلي (35 سنة) بما يشبه السخرية، رداً على سؤال إن كانت تظن أن الوعود بالتيار ستكون حقيقية. فالانقطاع المستمر في التيار أضحى معاناة حقيقية، فضلاً عن تلف المأكولات. يقنّن أصحاب محال بيع الأجبان والألبان من كميات البضائع المخزّنة «يا خيّي، نحن بحاجة إلى 20 أمبير لتقليع البرادات. والكهرباء تنقطع باستمرار. الاشتراك بالمولّد يكلف 200 دولار بالشهر. لكننا مجرد دكان صغير ولسنا شركة» يقول صاحب محل لبيع الأجبان.
تشتكي ريان الزعتري (13 سنة) لوالدها، من توقف المروحة التي تخفف بعض الحر والرطوبة في بيتها في «زاروب انجاصة». شبّان كثر من هناك آثروا اللجوء طلوع الضوء، إلى البحر، هرباً من الحر والبرغش. لكن وضعهم يبقى أفضل من «مخيم عين الحلوة» للاجئين الفلسطينيين ،حيث يبدو وضع الكهرباء أتعس مما هو عليه في منطقة صيدا. فالتغذية لا تتعدى الخمس ساعات.