سناء الخوري“اللحية” كلمة المرور إلى مراكز القرار في فرنسا. الملاحظة قيّمة، فيما تُظهر الإحصاءات أن عدد النساء قليل في مجلس الشيوخ والجمعيّة الوطنيّة والمجالس البلديّة مقارنة مع عدد أبناء “الجنس الخشن”، نسبة ربّما إلى لحاهم الخشنة (!). وانطلاقاً من هذا الواقع، LA Barbe حركة نسويّة جديدة في فرنسا، تأسّست في شباط الماضي، وقررت أن تقلب الطاولة على رؤوس الجميع، من ضمنها الجمعيات النسويّة الأخرى والرجال معاً، متسلّحةً بشوارب ولحى مستعارة. أمرٌ غريب إذا ما قورن بالمليارات التي تصرفها النساء حول العالم للتخلّص من الشعر الزائد. ولكنّ قضيّة الناشطات في حركة “اللحية” أبعد بكثير من مجرّد التشبّه بالرجال للاستهزاء بهم.
تتعامل الناشطات مع اللحية كرمزٍ ذكوري، ولكن بعيداً عن كلّ الشعارات التي تستخدم عادةً في الدفاع عن حقوق المرأة. تقتحم الناشطات مجلس الشيوخ أو المؤتمرات الحزبيّة التي يكتسحها الرجال، واضعات اللحى المستعارة على وجوههنّ، ثمّ يطلقن تصريحات مناهضة للمرأة ومشجّعة على استبعادها من الوظائف العامّة والأماكن المخصصة للرجال.
تضمّ حركة “اللحية” 20 امرأة فاعلات كأعضاء، و30 ناشطة تتراوح أعمارهنّ بين العشرين والثلاثين، إضافة إلى بعض الخمسينيّات. ولا تتطرّق الحركة إلى المواضيع التقليديّة التي تطرحها الحركات النسويّة الأخرى من العنف ضدّ المرأة أو تحويل جسد الأنثى إلى سلعة جنسيّة تجاريّة، بل تركّز اهتمامها على غياب المرأة الفاضح عن السلطة السياسيّة ومراكز القرار.
وقالت مؤسسة الحركة، ماري دو سينيفال، لصحيفة “ليبراسيون” الفرنسيّة “بهذا الشعر المستعار نحوّل غياب النساء في مراكز القرار إلى أمر مضحك، من خلال تمثيل المشهد المؤسف لغياب المرأة عن مراكز القرار”.
فضّلت الناشطات في “اللحية” اللجوء إلى السخرية وحسّ الفكاهة على النقاشات التي تنتفض لحقوق المرأة، وقد بدأت منذ شباط الماضي بتنفيذ “كبسات” نوعيّة على أماكن التجمّع الشّعبيّة والرسمية مدجّجات باللحى.
وجاء في مانيفستو الحركّة أنّ “اللحية ستكون إشارة إلى رغبة النساء في الصمود أمام الهيمنة التي يمارسها الرجال وجعل كلّ حالات اللامساواة ظاهرة وتسخيفها... إنها دعوة لانتفاضة “اللحية” في كلّ الأماكن التي يعتقد الرجال أنّها أماكن حصريّة لسيطرتهم. تريد النساء أن يكنّ ندّات للرجال ويستعملن اللحية كمرادف للسلطة”.
تتلاعب “اللحية” بالرموز الذكوريّة في محاولة لتهديم معناها التقليدي، ولكنّ الناشطات فيها لا يسلمن في بعض الأحيان من ملاحقة الشرطة، وخاصة في مجلسي النوّاب والشيوخ حيث قمن بالإدلاء بتصريحات من نوع “أهنّئكم باسم “اللحية” على إنجازاتكم في منع النساء من الوصول إلى مراكز القرار”. تعرض الحركة أعمالها على موقع يو تيوب، حيث وضعن لحى لبعض الأعمال الفنيّة التي تجسّد النساء، كلحية على وجه الحريّة في اللوحة التي تقود فيها هذه الأخيرة الشعب الفرنسي إلى الثورة.
18 % فقط من المجلس النيابي الفرنسي من النساء و17 % فقط مديرات لشركات كبرى، إحصاءات تستند إليها سيّدات “اللحية”، أمرٌ قد يجب أن يلفت السيّدات العربيّات. فما هي نسبة النساء في مجالسنا النيابيّة والبلديّة؟ ما هي نسبتهنّ أصلاً في كلّ مراكز القرار، حتّى على الساحة الإعلاميّة؟ هل تعرفون رئيسة تحرير جريدة سياسيّة؟