بنت جبيل ــ داني الأمينوقعت سريّة محمد سعيد حمود (63 سنة) ضحية الاحتلال الإسرائيلي من جديد. فبعد 25 عاماً على فرارها منه مع أولادها الأربعة إلى الولايات المتحدة الاميركية عبر فلسطين المحتلة، بهدف الحيلولة دون تجنيدهم في جيش لحد المسيطر على الحزام الأمني ومنه بنت جبيل وقتها، ها هي الآن ممنوعة من الخروج من لبنان والعودة إلى أميركا حيث استقرت مع أولادها بعد وفاة زوجها. الجرم الوحيد الذي اقترفته سرية وتحاسب عليه حتى الآن، هو أنها سافرت، كعشرات الأسر، عن طريق فلسطين المحتلة عام 1993، أي أثناء الاحتلال «عندما لم يكن هناك مجال للخروج إلّا عبر هذه الطريق لأنه لم يكن يسمح وقتها للفتيان والشباب بالخروج من القرى المحتلة إلى الداخل اللبناني، خوفاً من تعاونهم مع شباب المقاومة»، كما تقول حمود بحسرة بالغة لـ«الأخبار»، وإن كان شبان كثيرون قد استطاعوا الفرار رغم المخاطر الكبيرة التي تعرضوا لها. سرية حمود كانت قد قررت عام 2002 العودة إلى لبنان بهدف الزيارة والسفر لقضاء فريضة الحج من هنا. لذلك قطعت تذكرة السفر أثناء إقامتها في الولايات المتحدة. ولدى وصولها إلى مطار بيروت، أُلقي القبض عليها وجرى حجزها في سجن رومية لمدة يوم واحد! فتقول «لقد أطلقوا سراحي وقتها، لكنهم حجزوا جواز السفر الخاص بي لمدة أيام، ما حرمني قضاء فريضة الحج وخسارة ثمن تذكرة السفر إلى السعودية. لكنهم أعادوا الجواز وقتها وصدر حكم من المحكمة العسكرية يبرّئني من أي ذنب. وقد قالوا لي آنذاك إنني أصبحت حرة ويمكنني العودة إلى أميركا وهذا ما حدث». لكن الأمر لم ينتهِ عند سرية حمود، فقد حُجزت لأكثر من مرة في مطار بيروت للتحقيق معها، في كل زيارة لها إلى لبنان، إلى أن وصلت إلى بيروت منذ نحو 40 يوماً، وامتنع الأمن العام عن تجديد جواز سفرها، «حتى يصار إلى الحصول على خلاصة الحكم من وزارة الدفاع الوطني وإرساله إلى ثكنة زغيب في صيدا، لكن حتى الآن لم يتم ذلك». تقول حمود «المشكلة أنني مريضة جداً، ومصابة بداء السكري وحروق في يدي ورجلي، إضافة إلى مرض «الغرغرينا» في رجلي، ويحتاج الأمر إلى متابعة طبيبي الخاص في أميركا، وقد حاولت أن أُعالج هنا في مستشفى مجاني تابع للكتيبة البلجيكية في تبنين، لكنهم طلبوا مني متابعة طبيبي الخاص وبسرعة فائقة، وإلّا فسوف يصار إلى قطع رجلي اليمنى خلال أيام أو أكثر، وأنا امرأة لا مال لدي، وأحتاج إلى المال للعلاج هنا أو الذهاب إلى أميركا للعلاج المجاني». وتؤكد حمود أن تأخّر السماح لها بالعودة إلى أميركا سوف يؤدي، إضافة إلى قطع رجلها، إلى فقدان حقها في المعاش الشهري والضمان الصحي اللذين تحصل عليهما من هناك، لأنه يجب عليها أن تكون في هذه الأيام داخل حدود الولايات المتحدة، لتوقيع أنها ما زالت موجودة على الأراضي الأميركية، وتستحق العناية والمساعدة المجانية، لكونها لم تحصل على الجنسية الأميركية حتى الآن.


ليست إلا نموذجاً

حالة سرية حمود «ليست إلّا نموذجاً» كما يقول ابن أخيها حاتم حمود. ويشير الأخير إلى أن هناك «مئات اللبنانيين الذين خرجوا من لبنان أثناء الاحتلال الإسرائيلي عن طريق فلسطين المحتلة، خوفاً من التجنيد الإجباري. وأعرف حوالى مئة شخص في أميركا يودون بشغف العودة إلى بلدهم، لكنهم يخافون من التوقيف والسجن ومنع السفر من جديد، من بينهم أختي وعمي اللذان يبكيان حزناً لعدم توافر إمكان لعودتهما لهذه الأسباب». ويعتبر حمود أنه «وكل اللبنانيين هناك نعمل على أمل العودة بكرامة إلى لبنان. فنحن نحب بلدنا كثيراً، ما يجعلنا نعمل ونستمر لتسوية أوضاع هؤلاء، وسأعمل على إطلاق حملة إعلامية من هناك للمطالبة بمعالجة هذه القضية».