يعاني الطلاب اليساريّون في المدينة الجامعية في الحدث عدداً من المشكلات التي جعلت دورهم يتراجع لمصلحة الأحزاب «الطائفية». تختلف نظرة كل يساريّ في المجمّع إلى الحلّ المطلوب، لكنهم يجمعون على أن النقد الذاتيّ أساسيّ للعودة إلى الساحة الطلابية التي كانت أساس التحركات اليسارية في الماضي
أحمد محسن
يجمع أغلب الطلاب اليساريّين في المدينة الجامعية في الحدث، على أن «تكاثرهم» أمر مرفوض بسبب ما يسمّونه «القوى الطائفية»، التي تسيطر على «الجو العام».
«اليساري ليس من يطلق لحيةً طويلة ويرتدي ثياباً مهترئة»، يقول الطالب الشيوعي راغب الحاج. راغب ليس معروفاً في أوساط الطلاب، لأنه معترض على أداء «الرفاق اليساريّين» في الجامعة، ويتّهمهم بالخنوع للتركيبة الحاصلة. «إننا نوزّع البيانات منذ أكثر من عشرين عاماً في هذا الصرح دون أي فائدة تذكر» يقول راغب، مصرّاً على أن الجامعة هي الأرضيّة الخصبة المناسبة لاقتلاع الطائفية من الذهنية اللبنانية. ويرى أن اليسار الحقيقي لم يعد موجوداً في الجامعات بل «في تحركات العمال الحقيقيين على أرض الواقع».
نضال المقداد، الشيوعية أيضاً، تبدو متحمسة للحديث عن وضع اليسار، منتقدة رأي زميلها راغب، فـ«البيانات التي يوزّعها الحزب الشيوعي هي مجرّد نقاش هادئ ومطلوب، لمشكلات الطلاب ومطالبهم، إضافة إلى التطورات السياسية المحلية والعالمية»، وترفض أن تعطيها أي صفة تحريضية أو تغييرية. ترى نضال أن ما يفعله الشيوعيون اليوم في مجمّع الحدث كافٍ في هذه الظروف، «فهم ينظمون معرضاً سنوياً للكتاب، وفق الإمكانات المتوافرة، والتي لا تضاهي إمكانات الأحزاب الأخرى». وتذكّر أن معرض العام الماضي لاقى إقبالاً كبيراً.
ورغم الحضور الطاغي للأحزاب الطائفية، يحاول اليساريون إحداث اختراق معيّن عبر إقامة بعض حفلات الغناء الملتزم، والندوات الشعرية، «إلا أن صدمتنا تكون كبيرة ببعض الطلاب الذين يدخلون إلى الجامعة حاملين ألوية اليسار والحرية، وإذا بهم في الجامعة يلتفّون حول أحزاب أدخلتهم بالواسطة إلى الجامعة»، تقول نضال.
من جهته، يعترف الطالب في السنة الأخيرة إدارة أعمال، سامر فارس، أن العمل كطلاب ينتمون إلى توجّهات «يسارية» يلقى ترحيباً في كلية العلوم القريبة، حيث يوافق مجلس فرع الطلاب على نشاطاتهم دائماً «ولا يعرقلها أبداً». يشرح سامر أن الأوضاع تختلف في كلية الحقوق والعلوم السياسية الملاصقة لكلية إدارة الأعمال، «فهناك مجلس فرع الطلاب يدّعي الرغبة بمساعدتنا، لكنّ هذه المساعدة غالباً ما تكون مشروطة إذ إنهم يقبلون بأن نوزّع البيانات على أن يكون ذلك خارج حرم الكلية»، إلا أن الأمور لا تقف عند هذا الحدّ كما يقول سامر، إذ تمتدّ المضايقات إلى خارج الحرم. وتعطي المقداد مثالاً «مضحكاً» على هذه الظاهرة، إذ أصرّ مجلس فرع الطلاب في كلية الحقوق على أن يوقّع رئيس الجامعة بنفسه على قرار يسمح لهم بتعليق لافتة... تشرح أسباب تضاؤل رغيف الخبز.
والاختلاف في المجالس بين «العلوم» و«الحقوق»، بحسب الطلاب اليساريين، لا سبب له سوى الانتماء السياسي المختلف للمجلس في الكليتين بكل بساطة، حيث تتعاون التعبئة التربوية في العلوم مع الطلاب فيما تضيّق «حركة أمل» على تحركاتهم.
أما حركة الشعب، فلها رأيها أيضاً في ما يجري في المدينة الجامعية، فتقول المسؤولة عن قطاع الشباب والطلاب فيها هديل سمّوري، إن «الحركة تسعى لسدّ الفراغ الذي خلّفه تراجع اليسار»، وتشير إلى التعاون الانتخابي بين الحركة والحزب الشيوعي في العام الفائت، معلنةً رغبتها في أن يمتدّ هذا التعاون إلى أقصى المستويات، من أجل وحدة اليسار، ولإنجاح حملة الحركة الدائمة بعنوان: «لا للطائفية، لا للحرب».


معرض كتاب «الشيوعي»

تحوّل معرض الكتاب الذي ينظّمه قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي بكلية العلوم، إلى تقليد سنوي، بوصفه النشاط الثقافي الذي يكاد يكون يتيماً في المدينة الجامعية، إذ غالباً ما تفضّل الأحزاب تنظيم نشاطات سياسية أو انتخابية. وكان المعرض الأخير، الذي نظّمه القطاع العام الماضي بعنوان «الحكيم» (نسبة إلى مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جورج حبش) قد لاقى إقبالاً كبيراً من الطلاب من مختلف الجهات السياسية. ويتضمّن المعرض، إضافة إلى الكتب، بعض الشعارات الشيوعية والمستلزمات التي يحتاج إليها الطالب في الجامعة، ولا سيّما تلك المتعلقة بالحواسيب.
كذلك يدعو القطاع اختصاصيين في الشؤون الاقتصادية والسياسية للمشاركة في ندوات ومحاضرات تشرح للطالب من وجهة نظر يسارية التطورات التي تحيط به.