اتخذت الجامعة الأميركية في بيروت قراراً بزيادة الأقساط هذا العام بنسبة سبعة بالمئة. لكن ذلك لم يستفزّ الطلاب لتنظيم أي احتجاج، إذ فضّل أغلبهم انتظار الانتخابات الطلابية لطرح موضوع الغلاء. ورأى الطلاب أنّ الاحتجاج مرتبط بقرار سياسي لدى كل حزب بتحرّك طلابه في الجامعة
ليال حداد
مرّ ارتفاع الأقساط في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB)، هذه المرة، من دون أي احتجاجٍ طلابيّ، رغم أن الزيادة بلغت 7 في المئة، وهي نسبة مرتفعة مقارنة بما يعرف «بالزودة المقدسة» التي تبلغ ثلاثة بالمئة كل عام.
«طلاب الطبقة الوسطى غير موجودين في الجامعة، الزيادات المتلاحقة عبر السنين حوّلت الجامعة الأميركية إلى مقصد لأبناء الطبقة الغنية فقط وحصراً»، يقول محمّد، الذي يحصل على مساعدة مادية تغطي 65% من قيمة قسطه. ويعلّل محمّد عدم تحرّك الطلاب بأن من يدفع ستة آلاف دولار في السنة لن يشكو من زيادة 500 دولار «من شرب البحر فلن يغصّ بالساقية، على الأقلّ بالنسبة إلى الأغنياء».
إلا أن ما يقوله محمّد عن غياب الطبقة الوسطى يبدو غير واقعي بالنسبة إلى بعض الطلاب، «صرت عم اشتغل تلات شغلات ومش عم لحّق»، يقول الطالب سعد الكردي من نادي «النشاط الطلابي». ويشرح الكردي أنّه يوم دخل إلى الجامعة منذ ثلاث سنوات كانت أقساطها أرخص «والآن لا أستطيع أن أغيّر جامعتي، وخصوصاً أنني أدرس اختصاصين، هما العلوم السياسية والإدارة العامة public administration».
وكان نادي «النشاط الطلابي» قد نظّم العام الماضي اعتصاماً أمام البوابة الرئيسية في الجامعة احتجاجاًَ على ارتفاع الأقساط بنسبة خمسة بالمئة، ورغم تقديم العريضة إلى مسؤولي الهيئة الطلابية، بحضور رئيس الجامعة السابق الدكتور جون واتربوري «لم يتحرّك أحد، وازدادت الأقساط هذا العام مجدداً وبنسبة أكبر». أما هذا العام فسيختلف تحرّك النادي الذي سيعمد بعد الانتخابات الطلابية إلى تخصيص نشاط مرشحيه على هذا الموضوع «ففي الجامعة ومنذ سنوات أصبحوا يتّبعون سياسة تكلموا واحتجوا بقدر ما تريدون ولكن لا أحد سيلتفت إلى ما تقولون»، يوضح الكردي.
واللافت في الجامعة هو جهل أغلب الطلاب سبب الزيادة رغم احتجاجهم عليها، ورغم ما شرحه واتربوري العام الماضي، لأعضاء مجلس الطلاب في الجامعة، كما يلفت الطالب رامي عون الذي يوضح الأسباب الخمسة التي قدمها الرئيس وقتها، وهي غلاء البنزين، العدل بين أقساط مختلف الكليات «مثلاً كلية الهندسة يدفعون 3000 دولار إضافية عمّا يدفعه طلاب كلية الآداب والعلوم»، والسبب الثالث هو التضخّم.
إلا أنّ السببين الباقيين هما أكثر ما يثير الاستغراب، «فالجامعة قالت لنا إنّ قسطَي الجامعة الأميركية في دبي وفي القاهرة أغلى من أقساطنا، وبالتالي يجب رفع الأقساط في بيروت لتصبح متساوية في الجامعات الأميركية الثلاث»، يشرح عون، إضافة إلى حجة أخرى قدمتها الإدارة، هي أنّ أي غلاء في الأقساط يقابله مستوى تعليمي جيّد «وقالوا لنا إن بإمكاننا تعويض القسط الذي دفعناه خلال عامين من العمل بعد التخرّج»!
هكذا أخبرت الإدارة ممثلي الطلاب العام الماضي، ويبدو أنّ هؤلاء اقتنعوا، لذا لم يتحرّكوا وفضلوا انتظار الانتخابات الطلابية لاتخاذ القرار المناسب في هذا الموضوع. «ما بقى في رجال AUB، لو في رجال ما كانوا بيسكتوا»، تقول مسؤولة النشاطات الطلابية في الجامعة وداد الحسيني، محتجّة على إهمال الطلاب للمواضيع التي تعنيهم مباشرة كغلاء الأقساط، «بكرا قبل الانتخابات بيتحرّكوا، وهيدا ما بفيد لو الطلاب إيد وحدة ومش مندارين لطوائفهم، ما كان بصير هيك، بس طالما هنّي ساكتين رح يضلو الأميركان راكبين على ضهرنا».


تاريخ التحركات الاحتجاجية

شهدت الجامعة الأميركية في بيروت أكثر من تحرّك احتجاجاً على ارتفاع الأقساط، لعلّ أبرزها كان في سبعينيات القرن الماضي حين احتجّ الطلاب على زيادة القسط فدخلوا الجامعة وحاصروا مكتب المدير، ما دفع بالإدارة إلى حلّ مجلس الطلاب، ووقف الدروس وطرد عدد من الطلاب، ولا سيّما المشاركون في التحركات الاحتجاجية. أما التحرّك الثاني فكان عام 1994، بعدما زادت الإدارة القسط بنسبة عشرة بالمئة، وحصلت يومها اشتباكات بين الطلاب وقوى الأمن. ويعلّل الطلاب هذه التحركات بنوعية طلاب الجامعة الذين تغيروا مع الوقت «في الماضي كانت الجامعة تضمّ بعض الفقراء الذين يدرسون بمنح، إضافة إلى أبناء الطبقة الوسطى، وكان هؤلاء هم وقود التحركات.