غادة نجار أعلنت لجنة نوبل في استوكهولم أمس منح الألماني هارلد تسور هاوسن والفرنسيين فرنسواز باري سنوسي ولوك مونتانيه جائزة نوبل للطب لعام 2008، وذلك عن اكتشافهم بشكل منفصل فيروسين يسببان سرطان عنق الرحم ومرض الإيدز. والمعروف عن هاوسن الألماني أنه ناقد، منذ عام 1970، المعلومات الشائعة في ذلك الوقت حين أكد أن فيروس الورم الحليمي البشري، أي الـ HPV يلعب دوراً أساسياً في الإصابة بسرطان عنق الرحم، وهو ثاني أكثر السرطانات شيوعاً بين النساء. لقد تابع هاوسن أبحاثه في هذا المجال طوال سنوات عديدة حتى تمكن من عزل الفيروس في الخلايا السرطانية لدى العديد من المرضى، وكانت أهم الصعوبات التي واجهته في أبحاثه حقيقة أن ليس جميع أنواع الـ HPV
البالغة 100 تقريباً، تتسبب بسرطان عنق الرحم. لقد أثبتت أبحاث هاوسن أن 70% من خزعات مرضى سرطان عنق الرحم تحتوي على نوعي فيروس HPV 16 و18. إن أهمية هذا الكشف تكمن في واقع أن مرض الورم الحليمي البشري هو من أكثر الأمراض الجنسية المعدية انتشاراً في العالم، حيث يبلغ عدد المصابين به نحو 80 إلى 85% من مجمل الأشخاص الناشطين جنسياً من مختلف الأعمار.
أما بالنسبة إلى الفرنسيين باري ـــ سنوزي ومونتانيه فقد حصدا «نصف» جائزة نوبل للطب لهذا العام، مكافأة لهما على مساهمتهما، منذ عام 1981، أي تاريخ الإعلان عن مرض نقص المناعة المكتسب HIV
في تحديد الفيروس المسبب لهذا الوباء الخطير، حيث أجريا منذ ذلك الحين أبحاثاً معمقة عبر عزل خزعات العقد اللمفاوية وزرعها بعد استئصالها من المصابين بمرض نقص المناعة في مراحل مبكرة. وقد استطاعا عبر السنين تحديد كيفية قدرة هذا الفيروس على ضرب خلايا المناعة في مختلف مراحل الإصابة وقدرته على التغير باستمرار وعلى الاختباء داخل خلايا المضيف.
هذا الأمر ساهم في تمكن علماء آخرين من إيجاد أساليب وقائية تحدّ من انتشار الوباء، وعلاجات تمدّ من عمر المريض، وتساهم في التخفيف من آلامه، وفتحت أبحاثهما الباب أمام السعي إلى إيجاد لقاح لهذا المرض الخطير في المستقبل القريب.