يفتتح المكتب الإقليمي لليونسكو، صباح اليوم، المؤتمر العربي الإقليمي الثاني عن التوحّد: «الاكتشاف والتشخيص المبكر»، في فندق كراون بلازا
فاتن الحاج
250 تلميذاً من أصل 1500 يعانون التوحّد في إحدى المدارس شبه المجانية، تقول الدكتورة شفيقة منصور، الاختصاصيّة في التقويم والتحليل السلوكي واللغوي. وقد اكتشفت منصور هذا الواقع بالصدفة حين عادت في عام 2005 من بريطانيا إلى بيروت، ودخلت إلى المدرسة بحكم العلاقة الشخصية مع المدير. فوجئت بالرقم بعدما أجرت اختباراً على الأولاد لترى ما إذا كانت عوارض التوحّد تنطبق عليهم أم لا. ما استوقف منصور هو معاملة هؤلاء على أنّهم مشاغبون وجمعهم في «صف الشياطين». والأخطر من ذلك، كما تقول، إعطاء الأطفال دون 15 سنة مهدّئات للحركة المفرطة من دون أي مراقبة مثل «Rispidral» أو «Ritalin». توضح منصور أنّ حالة الأولاد تزداد سوءاً يوماً بعد يوم ويكون مصير معظمهم الشارع لكونهم لا يملكون الإمكانات المادية للالتحاق بجمعيات للتربية المختصة. ومع أنّه ليس هناك إحصاء رسمي عن عدد المتوحّدين في لبنان، فإنّ التقديرات تشير إلى أكثر من 350 حالة معروفة، ما عدا الحالات غير المعلن عنها. أما الإحصاءات العالمية فتلفت إلى أنّ هناك حالة توحّد واحدة في 150 ولادة طبيعية، وحالة اسبرجر (توحّد خفيف) في كل 60 ولادة طبيعية.
لا تزال المبادرات لاحتضان التوحد، حسب مدير مؤسسة الهادي للإعاقة السمعية والبصرية إسماعيل الزين، فرديّة سواء بالنسبة إلى التدخل التربوي أو الطبيّ. ويقول: «تكتفي وزارة الشؤون الاجتماعية بإعطائنا أموالاً عن حالات التوحّد في مؤسساتنا، أمّا وزارة التربية فتعفي التلامذة من الامتحانات الرسمية فقط». ويستغرب اعتبار وزارة الشؤون التوحّد إعاقة عقلية، مشيراً إلى أنّ التصنيف خاطئ، لأنّ التوحّد خلل عضوي. ويطالب بدائرة خاصة في وزارة التربية لمتابعة ذوي الاحتياجات الإضافية. يشرح الزين أنّه ليس هناك خطة واحدة للتدخل، فالفريق المتعدد الاختصاصات يضع خطة فردية خاصة بكل حالة، أو قد يجمع البرنامج التربوي الحالات المتشابهة. ويتألف الفريق من معالج نفسي حركي، معالج نطق، معالج نفسي، ومربٍّ تقويمي. وبالنسبة إلى التشخيص فهناك تعاون، يقول الزين، مع الجمعية اللبنانية لطب الأطفال التي تطابق الخصائص وتسهم في الكشف المبكر عبر توعية الأهل. ومن العوارض نقص شديد في التواصل مع الناس، وخصوصاً في النظر واستخدام الإشارات، عدم التركيز البصري، تجاهل وجود الآخرين وعدم مشاركتهم باهتماماتهم، ضعف في التعبير عن الانفعالات، عدم القدرة على التفاعل مع الأطفال، تلبية المتوحّد لحاجاته بمفرده أو استخدام يد الشخص الآخر لتلبيتها. تطمح الجمعيات المنضوية في اللجنة التنسيقية للتوحّد إلى الوصول إلى كشف هذه العوارض والتدخل المبكر لمعالجتها، لذا تعقد المؤتمر العربي الإقليمي الثاني عن التوحد، اليوم وغداً لتبادل الخبرات وعرض تجارب عربية في أدوات التشخيص وآلية الكشف. ويهدف المؤتمر، حسب مديرة الجمعية اللبنانية للتوحد أروى حلاوي إلى الخروج بدليل للتشخيص المبكر موحّد في العالم العربي، وإنشاء شبكة عربية للتوحّد مركزها لبنان، وحثّ الجامعات ومراكز التعلم على القيام بأبحاث عن التوحّد ودراسة طرق إدماج المتوحّدين.