جو ريشابالإذن من الذي أحببت وحيّيتُ فيه شجاعة وجرأة إعلامية وفنية في زمن شحّت فيه هذه الصفات والخصال وندرت. بالإذن من الذي واجه الاحتلال والوصاية بكلمته وقلمه وكاميرته في زمن تقديم كرامات الناس ومفاتيح مدنهم للمحتل والوصي كرمى للمشاريع المشبوهة والطموحات الشخصية. بالإذن من الذي أضحك الناس على ما كان يبكيهم زمن الإذلال والإخضاع وامتهان الحقوق وهضمها. بالإذن من الذي ناصر الحق وانتصر للحرية زمن الاستزلام والتزلّف وتبنّي أعمال إحباط الناس وقهرها.
بالإذن منك أيها الفنان المقاوم شربل خليل.
لم يفاجئني قط نجاح برنامجك الـ«دمى قراطية» وأنت أصبتَ النجاح كله من بداية أعمالك على شاشة تلفزيون لبنان، وصولاً إلى المؤسسة اللبنانية للإرسال، كما لم تفاجئني المواضيع التي عالجها البرنامج ووضع الإصبع على جرح المواطن، ووقوفك بالمرصاد بوجه الفساد والرشوة والإقطاع بكل أوجهه، المالية والسياسية والدينية وخاصة العائلية منها، وهنا بيت القصيد، أي الإقطاع العائلي والوراثة السياسية، فأنا أفهم انتقاد وصول أبناء بعض السياسيين، لا بل تنصيبهم في مراكز المسؤولية وتسليمهم مصائر البلاد والعباد، والعمل على تأمين استمرارية العائلات أو ما يسمى بالبيوتات السياسية، ولكن ما فاجأني وما لم أفهمه هو هجومك المستمر على الوزير جبران باسيل، كونه صهر العماد ميشال عون في معركتك هذه! وهنا ومن باب معرفتي الشخصية بالوزير باسيل، مشكلتي معك يا أستاذ خليل مضاعفة، أولاً لأنني أعلم وأعرف الخلفية السياسية والوطنية التي انطلق منها الوزير باسيل، وثانياً لأنني أعلم أنك تعلم مَن هو الوزير باسيل، فهل مجرد مصاهرته العماد عون تُسقط تاريخه النضالي وكل حقوقه السياسية، وهل قدره الذي جمعه بكريمة الجنرال يُلزمه اعتزال السياسة وأن يقبع في المنزل الذي غادره في مقتبل العمر ليرتدي بزّة الجيش اللبناني وينخرط دون مقابل في صفوف أنصاره للمساهمة في تحرير الوطن، فقاسمت قبضته قلم ومسطرة الهندسة نهاراً وبندقية الميم 16 ليلاً، في الوقت الذي كان فيه أبناء معظم السياسيين وأقرباؤهم يتجوّلون ويتبخترون في العواصم الأميركية والأوروبية، أما في عهد الوصاية. فعندما كان أحد أبناء الطبقة السياسية يُبرم الصفقات المشبوهة في أفريقيا والآخر يتنقل بين المرابع والعلب الليلية والمواخير المظلمة، كان الفتى جبران باسيل يبيع البندورة والخيار على أوتوستراد الزلقا دعماً للمزارع اللبناني والإنتاج الوطني.
نعم باع الكعك لمواجهة الدور الاستخباراتي لباعته، فيما كثر من سياديي اليوم كانوا يأكلونه في مراكز الاستخبارات مع كوب ساخن من «شاي أبو عبدو».
إن الوزير باسيل يا أستاذ خليل يمثل طموحات الشباب اللبناني وآماله، وها هو اليوم في وزارة الاتصالات، وعلى الرغم من كل الحواجز والعصي في دواليب عربة الإصلاح والتغيير، يحقق النجاح تلو النجاح باعتراف خصومه قبل أنصاره، ليس لأنه قريب الجنرال بل لأن جبران واحد من أبناء «شعب لبنان العظيم» وابن المقاومة اللبنانية وابن مدرسة «الشرف والتضحية والوفاء» وابن التيار السيادي الأول، وفي النهاية، وعلى طريقتك الخاصة أستاذ شربل خليل «العوافي».