أمل عبد الله أجريت دراسة حديثة في الولايات المتحدة، ونشرت نتائجها في موقع «بي بي سي»، وكان الهدف منها معرفة مدى استعداد الأفراد لإخضاع آخرين لوسائل التعذيب، فتبين أن 70% من الأشخاص الذين شملتهم الدراسة أبدوا استعداداً للاستمرار في التعذيب، رغم صرخات الألم المتزايدة التي كان يتظاهر بها الأفراد «المعذبون» المشاركون في التجربة. هذه التجربة هي إعادة لتجربة قام بها البروفيسور في جامعة يال ستانلي ميلغرام سنة 1963. في تجربة ميلغرام طلب أحد العلماء من قسم من المشاركين إعطاء شحنات كهربائية لآخرين مشاركين في التجربة كلما أجابوا خطأً عن سؤال معين. وقد تمادى بعض المشاركين في عملية التعذيب إلى درجة زيادة الشحنات الكهربائية إلى 450 فولت، واستمروا في ممارستهم هذه حتى بعدما توقف «المعذبون» عن الصراخ المصطنع للتدليل على فقدان الوعي أو الوفاة. وفي الدراسة الحديثة، لم يوقف المشاركون عملية التعذيب رغم تدخل طرف ثالث لسؤالهم والتشكيك في صحة ما يقومون به.
ويقول الدكتور جيري بيرغر، الذي أجرى الدراسة الحديثة، إن الأفراد استجابوا كما في التجربة السابقة لأوامر جهة ذات سلطة، ما يشير إلى أن الأشخاص في وضعيات معينة يستجيبون بطرق غريبة وغير مقبولة من الممارسات العنيفة. ليس بالضرورة لأنهم أشخاص سيئون، إلا أن الظروف الضاغطة التي يتعرضون لها قد تفرز ردود فعل مقلقة. وهذا يفسر أعمال الإبادة التي يقوم بها أشخاص عاديون خلال الحروب.
ابيجايل سان التي شاركت في إعداد الدراسة، قالت إن الأفراد المشاركين في التعذيب تجاهلوا الجانب الإنساني في شخصياتهم، عندما طلب منهم أن يكونوا جزءاً من تجربة علمية دقيقة. إن الشعور بأهمية المهمة التي يؤدونها جعلهم يستغرقون في التجربة دون أن يتوقفوا لحظة للتشكيك في الجانب الأخلاقي لعملهم، لقد تماهوا تماماً مع العلماء القيمين على التجربة وتجاهلوا الآلام التي تسببوا بها للأفراد «المعذبين».