غادة دندش «نحن أقرب من أي وقت مضى من إنجاز لقاح ضد الملاريا يحمي أطفال أفريقيا من هذا المرض الفتّاك»، هذا ما أكّده كريستيان لوك مدير مؤسسة MVI التي تأسست عام 1999 بمساهمة من مؤسسة بيل وميلاندا غايتس. وهي تهدف إلى تسهيل عمل الباحثين في مجال لقاح الملاريا وتأمين انتقال اللقاحات الواعدة من المختبرات إلى الدراسات السريرية، ثمّ إلى المستهلك.
وما أكّده مدير هذه المؤسسة يعود إلى أن المختبرات البريطانية غلاكسو سميث كلاين قد أنتجت اللقاح التجريبي RTS,S الذي قطع حتى الآن مرحلتين تجريبيتين ولم يعد يفصله عن الحصول على الترخيص الذي يجيز استخدامه لقاحاً رسمياً سوى مرحلة واحدة تبدأ مع بداية عام 2009.
وفي التفاصيل أن هذا اللقاح الذي بدأت تجربته على متطوّعين في الولايات المتحدة الأميركية أظهر نتائج باهرة حين بدأ استخدامه لقاحاً تجريبياً على مجموعات من الأطفال في القارة الأفريقية.
في تنزانيا لُقّح 340 طفلًا دون السنة من العمر، وقد أظهر RTS,S القدرة على ضبط 65% من حالات الإصابة بالملاريا، وذلك دون أن يكون له أي تأثير على لقاحات أخرى أعطيت في الوقت عينه، الأمر الذي كان يخشاه الأطباء. وفي كينيا لُقّح 894 طفلاً تتراوح أعمارهم بين 4 و17 شهراً، بوجود مادة مساعدة للّقاح تزيد من تجاوب جهاز المناعة معه، وقد اتضح أن الإصابة بالملاريا انخفضت بنسبة 53% خلال ثمانية أشهر بين الأطفال الملقّحين. والمرحلة الثالثة والأخيرة سوف تتم السنة المقبلة في سبع دول أفريقية، وبعدها سيُقدّم طلب ترخيص اللقاح ليضاف رسمياً إلى برنامج اللقاحات الذي وضعته منظّمة الصحة العالمية من أجل أطفال أفريقيا.
تجدر الإشارة إلى أن تقريراً نشرته المنظمات الصحية العالمية الرئيسة أخيراً، دعا إلى تحرك مشترك لوضع لقاح ضد الملاريا بهدف التوصل إلى تسويقه بحلول عام 2025.
وقد أطلقت «ورقة الطريق الجديدة لتقنية اللقاح» في بانكوك، في إطار المنتدى العالمي للبحوث حول اللقاحات. وهذا ليس مستنداً شكلياً بحتاً. فقد شارك أكثر من 230 خبيراً يمثّلون 100 منظمة من 35 بلداً خلال عامين في وضع «ورقة الطريق» هذه.
وهي تحدّد إحدى عشرة أولوية في أربعة نطاقات عمل: بحث، وضع اللقاح، اختبارات سريرية في أفريقيا، سياسة وتسويق. وقد شددت الدكتورة (ملينا موري) من مبادرة (باث ملاريا فاكسين) على أنَّه يجب «الحصول على تبادل معلومات وتعاون أكثر لاستغلال الدراسات بطريقة أفضل وإزالة العمل غير اللازم». موعدنا إذاً عام 2025...
من جهة ثانية، يُشار إلى أن الملاريا كان لفترات طويلة مرض الفقراء، لذلك أهملت مختبرات الأدوية العالمية مهمة البحث عن علاج له، وارتفعت أصوات المدافعين عن حقوق الإنسان منادية بضرورة إيلائه الاهتمام اللازم لأنه يقضي على الآلاف من الفقراء.
وقد انكبت أخيراً دراسة أميركية على الروابط بين السيدا والملاريا. فالملاريا يضاعف عشر مرات الطاقة الحُمَّوية لدى شخص مصاب بالسيدا. وتبيّن أنّ المريض الإيجابي المصل يمكن أن ينمّي أكثر من غيره الملاريا، بما أنّ نظامه المناعي أصبح ضعيفاً. بالنسبة إلى الكاتب، «فإنّ السلّ والإصابات الأخرى كالقوباء، أسهمت في الانتشار السريع للسيدا في أفريقيا».