فادية حطيطلم يتسن لي للأسف إلاّ حضور جلسة افتتاح الورشة الوطنية من أجل تعديل قوانين الأسرة التي نظمتها لجنة حقوق المرأة اللبنانية ـــ الشبكة اللبنانية في الأول من تشرين الثاني، مع أن محاور الجلسات بدت لي شديدة الأهمية. في ذلك الافتتاح، استمعت إلى مطلب جديد، وشعرت بأن الحركة النسائية اللبنانية تقفز عبره خطوة إلى الأمام. المطلب يتعلق بملكية الزوجين المتساوية لكل ما جُني خلال الزواج. إنها خطوة رائعة فهي في الآن نفسه تكرّس وظيفة «الكوبل» (couple) وتعطي لطرفيه (لا للعائلة الأكبر) حق التمتع بما بنياه معاً، ومن جهة أخرى تعطي الجهود التي لا تدخل في نطاق العمل المدفوع الأجر، أي في العادة عمل الأمهات، بعض الحق العائد لها.
أعرف حالات عديدة تعاني من هذا الوضع. منها حالة زوجين، الرجل يعمل في الخارج والسيدة تعمل داخل البيت. تشاركا في بناء المنزل، هو في الحصول على المال من الخارج وهي في العمل على تدبير المصروف وخدمة البيت، الطبخ والغسيل ومساعدة الأولاد في دروسهم، ناهيك بخدمات تأمين الجو المريح للجميع، من أجل العمل. وحالة زوجين يعمل كلاهما في الخارج، وهي تضيف إلى عملها الخارجي مهمة تسيير شؤون المنزل الداخلية، وتشارك أيضاً في شراء مستلزمات البيت. ولا يخطر في بالها أن تطلب فواتير كلما اشترت شيئاً، على اعتبار أن البيت بيتها وفي النهاية المردود يعود للعائلة التي تطمح لرفاهيتها.
في هذه الأسر، كل شيء يسير على ما يرام إلى أن يدب خلاف ما وتطرح قضية الطلاق. عندها تجد الزوجة نفسها في الموقع الأعزل. كل ما قدمته في أثناء الزواج ستجد نفسها مهددة بفقدانه ما لم تحتفظ بفاتورة موقعة به. هذا البيت الذي نظفت غباره وعملت سنوات على صيانته، والصحون التي اشترتها حين وفرت ألفاً من هنا وألفاً من هناك، والبراد الذي دفعت ثمنه بالتقسيط المنهك، وقطعة الأرض التي اشتراها الزوج وتقشفت في مصروفها من أجلها، كل ذلك تُحرم منه إذا انفك عقد الزواج، حتى لو كان سبب الطلاق قائماً في الزوج نفسه. وهي إن طالبت بما هو حق لها كان عليها أن تأتي بالفواتير لإثباته، وإلا فإن أي محام فصيح سيقول لها: إن القانون لا يحمي المغفلين.
لا أعرف كيف نصف سلوك هؤلاء النسوة اللواتي لم يتعلمن أن ينظرن إلى أنفسهن كأفراد منفصلين بل كجزء من جماعة، واللواتي اعتقدن أن ذوبانهن في مصلحة الأسرة هو خير للأولاد، ثم فجأة وجدن أن القانون يسلبهن كل حق ويعطيه للرجل، هل هذا سلوك مغفل؟ أم القانون هو المغفل؟
في برنامج الحركة النسائية اليوم الكثير من الأمور، أولها إعطاء الأم حق منح جنسيتها لأبنائها، وهو حق عزيز أستغرب كيف أمكننا حتى اليوم أن نهضم ذلك التناقض الصارخ بين إغفال هذا الحق واعتبار الدستور أن اللبنانيين متساوون في المواطنة. والآن حق اقتسام الثروة التي حصلت أثناء الزواج، هو مطلب عزيز آخر. فهل سننتظر كثيراً؟ نأمل أن لا. ولكن مهما يكن من أمر، قبلة للنساء اللواتي يخدمن الجماعة، ستات بيوت وعاملات ومناضلات في الحركة النسائية.