بكفيا ـ رندلى جبوراستلزمت ولادة CNAM ـــــ بكفيا خمس سنوات من المفاوضات، وهو آخر العنقود لبنانياً. هذه السنوات صُرفت في البحث عن التمويل وترتيب المعاملات اللازمة في وزارة التربية والتعليم العالي حتى افتتح المركز الجديد في العام الدراسي 2007ـــــ 2008. أما الطريق إلى المال وإتمام المعاملات فقد جعلها «الجميّليون» سالكة. فالرئيس أمين الجميل، وفق ما يشرح مدير المركز الدكتور غابريال جلخ، أسهم في الضغط على البلديات للمساعدات المالية، فاستجابت كل من بكفيا وساقية المسك ـــــ بحرصاف وبيت شباب وضهر الصوان. وأتم الوزير والنائب الشهيد بيار الجميل المعاملات مع وزير التربية آنذاك خالد قباني. أما مؤسسته فتقدم مساعدات مادية للطلاب المتفوقين.
وبعد موافقة لبنانية مناطقية ورسمية، حصل CNAM ـــــ بكفيا على موافقة CNAM ـــــ باريس وفتح أبوابه منذ سنتين في ثانوية بكفيا التي تشاركه المبنى بعد الظهر، غرفاًَ ومكاتب ومعدات. وكان أول الغيث تسجيل 460 طالباً في العام الأول في أربعة اختصاصات هي إدارة الأعمال والحسابات المالية (finance)، والمعلوماتية وفحص النوعية (controle qualite). وأضيف في العام الدراسي 2008ـــــ2009، إذ تسجّل 719 طالباً في الفصل الأول، اختصاصا الهندسة المدنية وهندسة الميكانيك.
وبما أنّ CNAM هو معهد العلوم التطبيقية، فقد وُضع مركز بكفيا تحت رعاية سياسية لمجلس أمناء مؤلف من رئيس جمعية صناعيي المتن وأعضائها، إضافة إلى بعض المساهمين الماليين، ويرأسه فخرياً الرئيس أمين الجميل. ودور المجلس هو توجيه الإدارة وفق حاجات المؤسسات الصناعية في المنطقة.
لكن، إلى أي مدى يلتزم «آخر العنقود» بالشروط الفرنسية الثلاثة: حاجة المنطقة، مستوى الأساتذة بالشهادة والخبرة وتأهيل الطلاب علمياً وعملياً؟ يجيب جلخ عن الشرط الأول بغياب الجامعات في المناطق المتنية الجبلية، ما يؤكد حاجة المنطقة إلى CNAM، وخصوصاً أنّ قسطها مقبول مقارنة مع الجامعات الخاصة، وأنّ بكفيا هي جغرافياً خط جامع والمواصلات سهلة منه وإليه. أما الشرط الثاني، فيوضح أن عدداً كبيراً من أساتذة CNAM هم أيضاً أساتذة في كلية الهندسة ـــــ الفرع الثاني في الجامعة اللبنانية في رومية المشهود لها بالمستوى التعليمي العالي. أما بالنسبة إلى تطبيق الشرط الثالث، فلا يزال الحديث مبكراً بسبب صغر عمر المعهد. لكن هناك ثلاثة مختبرات معلوماتية باتت جاهزة. ويستخدم مختبر الكيمياء التابع للثانوية عند الضرورة. أما طلاب الهندسة فيتوجهون مرة في الأسبوع إلى كليتي الهندسة والعلوم ـــــ الفرع الثاني لاستخدام مختبراتهما.
ويعد جلخ بإنشاء مختبر في CNAM ـــــ بكفيا خلال هذه السنة، يُعنى بفحص النوعية كان قد طلبه الصناعيون، وهو غير موجود في أي مركز CNAM أو أي معهد وجامعة أخرى في لبنان، و«إذا توافرت الأموال وساعدَنا الصناعيون فسننشئ في السنة المقبلة مختبرات للهندسة تحتوي على المعدات المطلوبة توفيراً للوقت والتنقل وتطويراً للمعهد»، يقول. ويؤكد جلخ أن 75% من الطلاب يتدرجون أو يعملون في المؤسسات المحيطة بالمعهد.
ويعيد جلخ الخلاف بين CNAM ـــــ لبنان و CNAM ـــــ باريس إلى استياء إدارة العلاقات الخارجية في باريس من تزايد عدد الطلاب اللبنانيين الذي فاق حتى الجامعة الأم، ففرضت على الطلاب سنوات إضافية من الخبرة العملية في الاختصاص، ما يصعب على سوق العمل في لبنان توفيره. لكن «ما حدا فيه يسكّر شي، وخصوصاً أن كل مركز في لبنان يمثل تياراً سياسياً وإذا فرنسا لا تريدنا فبكفيا بتفتح مع الأميركان وسنقدّم الخدمة لطلابنا دوماً».
بات مركز المتن يفوق إخوته الأكبر سناً في التجهيزات والمشاريع ويحضن نحو 300 طالب من خارج المتن وأكثر من 400 من القرى المجاورة لبكفيا، يتنقلون بين قاعات CNAM الخاصة وغرف الثانوية ومختبرات الفروع العلمية الثانية للجامعة اللبنانية في انتظار أن يحقق مال الصناعيين والكتائبيين أحلام الإدارة والمدرسين.