المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تعاني على ما يبدو نقصاً في عديد وكفاءة المتخصّصين في دراسة الأنماط الجرمية وتحليل الإحصاءات بهدف التخطيط والتوجيه والإعلان حيث تدعو الحاجة، إذ وزّعت شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي أخيراً بياناً على وسائل الإعلام بعنوان «تراجع الجرائم» فيه معلومات غير دقيقة مستندة إلى تحليل خاطئ بحسب المعايير العلمية. استندت قوى الأمن إلى جدول الجرائم الجنائية المسجّلة لديها منذ عام 2005 حتى شهر كانون الثاني 2009. يتضمّن الجدول نوع الجرم وعدد الارتكابات، إضافةً إلى المعدّل الشهري لتكرارها. ورأت المديرية في بيانها أن المعدل الشهري لسلب السيارات تراجع عن العام الماضي «بنسبة 64 في المئة» على أساس أن «المعدل الشهري لسلب السيارات في العام الماضي كان 11 سيارة وأصبح 4 سيّارات عام 2009». غير أن هذه الخلاصة ليست مرتكزة على منهجية تحليل إحصائي صحيحة، إذ إنه لا يمكن علمياً مقارنة معدل 12 شهراً لعام 2008 بمعدل شهر واحد لعام 2009.
لا تقتصر أخطاء بيان قوى الأمن على ذلك بل قام معدّ البيان باحتساب عدد حوادث سلب السيارات على أساسها «الصافي» بحسب ما ورد رسمياً، إذ تقوم قوى الأمن بحذف عدد السيارات التي جرى العثور عليها أو استُعيدت من مجموع السيارات المسروقة ما قد يشوّه الحقيقة، حيث إن السيارات التي يُعثَر عليها أو تُستعاد قد لا تكون نفسها السيارات المسروقة، وبالتالي قد يزيد عدد ضحايا جريمة سلب السيارات عن الوارد في جدول قوى الأمن.
على أي حال فإن شهر كانون الثاني من العام الفائت كان قد سجل سرقة نحو 107 سيارات بينما سجل كانون الثاني من العام الحالي سرقة 102 سيارة، ويمثّل ذلك تراجعاً بسيطاً لا يمكن الارتكاز عليه من أجل التوصل إلى خلاصات، لأن ذلك يحتاج إلى مدة مقارنة أطول زمنياً. أما في ما يخصّ السيارات التي استُعيدت، والتي لا يفترض أن يكون لها علاقة بجدول الجرائم بل بجدول الإنجازات الأمنية أو بجدول الصدف، فبلغ عددها المسجّل خلال شهر كانون الثاني من العام الفائت نحو 52 بينما سُجّلت استعادة 67 سيارة في كانون الثاني من العام الحالي، ويمثّل ذلك تقدماً في عمل الشرطة أو تراجعاً في أداء المجرمين.
بيان قوى الأمن يخلص إلى أن سرقة السيارات في لبنان تراجعت بنسبة 53 في المئة عن العام الفائت، ولا أساس لذلك من الصحّة.
البيان يقول إن «المعدل الشهري للقتلى الناتج من حوادث القتل كان في العام الماضي 21 قتيلاً وأصبح في العام الحالي 4 قتلى بفارق بلغ 17 قتيلاً أي بنسبة 81 %»، غير أن شهر كانون الثاني من العام الماضي كان قد سجل نحو 3 حوادث قتل بحسب التقارير الأمنية ما يشير إلى أن لا تغيير لافتاً في هذا النوع من الجرائم.
أمّا عمليات النشل، فشهدت «ارتفاعاً من 95 عملية شهرياً عام 2008 إلى 140 عملية شهرياً في العام الحالي أي بنسبة 32 %»، وهي ظاهرة بدأت بالانحسار والتراجع بسبب الحملة التي بوشر بها بتاريخ 19/1/2009 «والهادفة إلى حجز الدراجات النارية غير القانونية»
(الأخبار)