زغرتا ــ فريد بو فرنسيس«قرب ثانوية زغرتا الرسمية، وعند الطريق المعروفة بنزلة أبو أسعد، المؤدية إلى متنزه المرداشية، يقاوم من أجل البقاء، النصف غير المتداعي من دار بطل لبنان يوسف بك كرم، فيما ينتظر، من يمدّ له يد المساعدة، النصف الذي خرّ صريعاً جرّاء الإهمال والزمن عام 1986. ويمثّل هذا المبنى التراثي، بقدم عهده، وطرازه المعماري المميز، وقيمته المعنوية المهمة، الأثر المدني الأهم في نسيج زغرتا العمراني». ذلك هو نص الروزنامة التي أطلقتها مؤسسة يوسف بك كرم، بهدف التوعية على أهمية هذا الإرث الثقافي. لكن، حتى الآن لم يتغيّر وضع الدار. فالمراجعات والاتصالات التي قام بها مالكوها مع المديرية العامّة للآثار في محاولة لإنقاذ ما بقي منها لم تثمر. وحينما لم تفلح المساعي الإدارية أتت «صرخة من أجل بيت» (اسم الروزنامة) لتذكير كل زغرتاوي بهذا التراث المهم في تاريخه المعاصر. يوضح الأديب محسن إدمون يمين، صاحب فكرة الروزنامة أنه «تمت إثارة موضوع الدار مرات عدّة عبر الإعلام، لكنها بقيت صرخات في برية، فكانت فكرة الروزنامة لعلّ وعسى».
ويقول يمين: «قصر آل كرم بناه عام 1777 الشماس فرنسيس كرم، لتنتقل الملكية بعد ذلك إلى ولده يوسف، فحفيده بطرس، والد بطل لبنان يوسف بك كرم، ومن ثم عبر الإرث إلى رزق يوسف كرم، ومنه إلى ابنته دلال التي قامت باتصالات مع مديرية الآثار، لكن من دون جدوى. لينتقل المنزل بعدها عبر الشراء بقصد المحافظة عليه إلى مالكه الحالي سمعان جميل كرم، الذي تقدّم بطلب جديد إلى مديرية الآثار لإدخال المنزل في لائحة الجرد العام سنة 1983، لكن من دون جدوى، ما جعل القصر يتداعى مع الزمن من دون أن تكون هناك مقدرة لإعادته إلى رونقه أو على الأقل حمايته من التداعي».
وأكد يمين أن الحدّ من الأضرار، وخاصةً أن مالك العقار احتفظ بالحجارة التي انهارت من المبنى سنة 1986 مرقّمة في جانب منزله الحالي، لعلّه يجد تمويلاً لترميمها. من هنا، يأتي طلب إدخالها بالجرد العام لأهميتها «المعنوية» على صعيد زغرتا ولبنان، ولضمان مصيرها. فالمباني المدخلة بالجرد العام تحظى بعناية الدولة لها، وقد تقدّم لها التمويل. صحيح، أن ما بقي من المنزل أقل مما دُمّر، وصحيح أن موقعه في وسط زغرتا وعلى تقاطع طرق سيعوق عملية تأهيله، لكن الحلول تطرح لمبانٍ أصعب، ويوسف بك كرم أعطي لقب «بطل لبنان» بسبب كفاحه السياسي المسلح ضد السلطنة العثمانية، وسيرته تدرّس في كتاب التاريخ.