رامي زريقأتت وثيقة 14 آذار الانتخابية لتكرّس التزام هذا الفريق بالنهج الذي تشجع على اتباعه المنظمات المالية الكبرى مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وهما المؤسستان اللتان سبق أن لعبتا دوراً هاماً في صياغة ورقة عمل باريس 3. ورغم خضوع هذا النهج لمعايير الاقتصاد الليبرالي، وحرية السوق المطلقة التي تستتبع رواج قيم الجشع والاستغلال الذي لا يفرق بين بيئة وبشر، إلا أن الوثيقة التي صيغت عبر 14 نقطة على سبيل الرمزية، حملت أيضاً في النقاط 11 و12 و14 كلاماً عن الاهتمام بالمرأة وبالفقراء وبإنشاء شبكات أمان اجتماعية، وعن صيانة البيئة والموارد الطبيعية من خلال القوانين والحوافز الاقتصادية.
هذا الطرح مرحّب به، بالرغم من تناقضه المحتمل مع الفكر الاقتصادي الذي يحمله هذا الفريق ومع ممارساته السابقة.
ففريق الأكثرية الأربعطشية هو فريق السلطة وممثل الدولة منذ سنوات عديدة، لم يرَ خلالها المواطن ما يبشّر بالخير في ما يتعلق بالإنماء المتوازن وبحماية الإنسان والأرض والماء من الاعتداءات البيئية وغير البيئية.
وقد يكون المستثمرون الداعمون لهذا الفريق هم أكثر المعتدين على البيئة.
وإن صياغة الكلام في بعض النقاط تشير إلى احتمال أن تكون مجرد شعارات عامة موجهة نحو «المجتمع الدولي» لإثبات الانتماء إلى نادي الرقي والحضارة. لذا أتى ذكر الزراعة العضوية التي لا تمثّل إلا نسبة ضئيلة جداً من الإنتاج المحلي ولا تعني سوى نخبة من المستهلكين، مفاجئاً وسط الكلام البيئي العام الذي تضمنته الوثيقة. على كل حال، لا بدّ من الاعتراف بطفرة إدراج الاهتمامات البيئية ضمن وثيقة سياسية واسعة، مما يضع الكرة في ملعب فريق 8 آذار، على أمل ألا تأتي وثيقتهم بثماني نقاط، تقصي قضايا الفقر والمرأة والبيئة.