إيلي تومامتى نرتقي في لبنان إلى درجة المواطنية؟ فلا يكفي أن تدوَّن أسماؤنا على سجلات القيد وأن نحمل جواز السفر اللبناني لكي نكون مواطنين. المواطن الصالح مسؤولية كبيرة وواجب مقدّس يبدأ يوم الاقتراع ولا ينتهي عند إعلان النتيجة بل ينتقل إلى دور المحاسب والرقيب خلف كل نائب منتخب كظلّه. وفي هذا الزمن الرديء الغارق في الماديات والمصالح الضيقة في زمن شراء الأصوات وإفساد الضمائر، هل يمكن أن يصمد المواطن الصالح؟
كم منا سيوصدون أبوابهم في وجه المفسدين الذين يشترون ويبيعون بأصواتنا. كم منا سيقولون لا لهذا التعاطي الرخيص مع حرية اختيارنا وقرارنا. كم منا سيقترعون بما يمليه عليهم ضميرهم ولمن يجسد آمالهم وطموحاتهم بمشروعه ونهجه وأدائه. كم منا سيواجه هذه الآفة بصرامة وشجاعة على رغم الأحوال الاقتصادية المتردية؟
وهنا يأتي دور الدولة القادرة القوية فلا يجوز أن يكون تعبيد الطرقات والخدمات الصحية والمساعات المدرسية سلعاً انتخابية. هذه من أبسط واجبات الدولة المحترمة ومن أهم حقوق المواطن مهما كان انتماؤه وكيفما كان اتجاهه.
هذه الممارسات الانتخابية يجب أن تمحى وتزول إلى غير رجعة من حياتنا السياسية مقدّمين دور المشاريع السياسية والخطط الاقتصادية البيئية الإنمائية على أي عامل آخر لنختار ممثلين الأمّة.
لن يكون لنا مجلس نيابيّ يعكس طموحاتنا وتطلعاتنا ونؤمن بقدراته وقراراته إلّا إذا تألف من ممثلين حقيقيين للشعب لا ممثلين عليه. لن يكون لنا برلمان حقيقي إلّا إذا كان أعضاؤه منتخبين على أساس مشاريعهم ورؤيتهم ولم تحملهم حساباتهم المصرفية وثرواتهم إلى المجلس!
إن ما يُبنى على باطل هو باطل، لذلك كل مواطن مسؤول أمام الله والوطن فخياره يبني أو يهدم. كم مواطنٍ صالح سيقف في السابع من حزيران ويرفع صوته عالياً بحرية فيسمعه الفاسد صراخاً ويسمعه الوطن صلاة؟