عمر نشّابةاذا أراد رئيس الجمهورية ميشال سليمان رعاية ودعم كتلة يطلق عليها «وسطية» في الانتخابات النيابية الآتية، فلا يبدو أنه سيفلت من المعارك الطاحنة. وقد يخرج منتصراً أو مهزوماً، لكنّ ذلك قد لا يؤثر على موقعه الرئاسي التوافقي شرط أن يلتزم القواعد التي اتفق عليها بعد شهر أيار من العام الماضي.
إن الحديث في صالونات العواصم الغربية عن «تسليم» سلاح المقاومة غير مناسب حتى لو جاء في سياق تصحيح مصطلح «النزع»، وحتى لو سبق المصطلح كلام عن النقاش اللبناني الداخلي في حلّ هذه المسألة. فالاستراتيجية الدفاعية التي يجري البحث عنها لا تتضمّن «نزع» أو «تسليم» سلاح المقاومة، بل قد تعتبر وجوده ضرورياً بالتنسيق مع قيادة الجيش اللبناني.
بعض المستشارين السياسيين يرون أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، بالتنسيق والتواصل مع شركائها الأوروبيين، تدرس احتمالات الاتفاق مع سوريا للضغط على حزب الله بشأن «تسليم» سلاحه. وقد يشجّع هؤلاء على رهان هو في الواقع تهوّر «غير محسوب»، بحيث إن الاستراتيجية السورية تعتمد الازدواجية وترتبط بحسابات إقليمية شائكة وبعيارات متفاوتة ومتنوّعة في التعامل مع «الملف اللبناني». على أي حال، إن التلفّظ في فرنسا بـ«تسليم» سلاح المقاومة، وهو كلام قد يمسّ شريحة لا يُستهان بها من اللبنانيين، لم يقابله حذر قيادات المقاومة، بل إن الحذر لدى هؤلاء دائم وفي كلّ الاتجاهات. كما تعي قيادات المقاومة جيداً أن الهمّ الدولي هو حماية إسرائيل قبل كلّ شيء. أما الخطاب الدبلوماسي عن دعم الديموقراطية في لبنان ووقف الإفلات من الجريمة، فلا يفيد الرهان عليه إلا في إطار الحلّ الشامل.
يُذكر في هذا السياق أن الأمّ الحنون التي طالما تحدث المسؤولون فيها عن صداقة بين البلدين وعن الحرص الفرنسي على سلامة لبنان، لم تكن جهودها لوقف المجازر الإسرائيلية بحق اللبنانيين في صيف 2006 جدّية بالقدر المطلوب إنسانياً. أخيراً، هل وقّع الوفد الرئاسي خلال زيارته لباريس على اتفاق تجهيز الجيش اللبناني بصواريخ أرض ـــــ جو وأرض ـــــ أرض وأرض ـــــ بحر تمكّنه من القيام بواجباته. أو على الأقلّ، هل طالب المسؤولون اللبنانيون زملاءهم الفرنسيين بذلك؟