خالد صاغيةأقرّ أخيراً اقتراح قانون خفض سنّ الاقتراع إلى 18 عاماً. أقرّ بالإجماع. الكتل النيابيّة كلّها وقعت فجأةً في حُبّ الشباب. كلّ ما يفعله النوّاب أصلاً هو لخدمة الأجيال الصاعدة. شهران ونصف تفصلنا عن موعد الانتخابات النيابيّة. إنّه الوقت المناسب لرفع المطالب. من يرغب في قانون، فليطرح التصويت عليه الآن. من يُرِدْ مدرسةً، فليرفع صوته الآن. مَن يبغِ مصالحة زوجته، فليطلب وسيطاً الآن. إنّه موسم الإصلاح، والخدمات، والإنماء المتوازن، ورفع الحرمان... من دون أن ننسى التنمية المستدامة.
أقرّ اقتراح قانون خفض سنّ الاقتراع. إنّه واحد من رزمة قوانين ما زالت تنتظر: النسبيّة، القانون المدني الاختياري للأحوال الشخصيّة، حقّ النساء في منح جنسيّاتهنّ إلى أولادهنّ، إلخ... تطول اللائحة التي رفعتها، وما زالت ترفعها، أجيال من اللبنانيّين. منهم من رحل، ومنهم من تقاعس، إلا أنّ المطالب المحقّة ما زالت تصنع الحدث، لأنّها هي التي تضمن للإنسان في هذه البلاد بعضاً من كرامته، وهي التي تجعل الانتماء إلى هذه البقعة من الأرض لا يعني حصراً التهميش والفقر والإذلال والتبعيّة.
أقرّ اقتراح قانون خفض سنّ الاقتراع. بقي أن يصبح للاقتراع معنى. فماذا ينفع الصوت في وجه الميزانيّات الضخمة التي تُرصَد لتطويع القرى الفقيرة والعائلات المتعبة، وفي ظلّ المحادل التي «تربّحك جميلة» بأنّها تحترم رأيك الذي، رغم احترامه، لن يكون له أيّ تأثير. وماذا ينفع الصوت حين تكشّر الطائفيّة عن أنيابها؟
أقرّ اقتراح قانون خفض سنّ الاقتراع. انتقلت الكرة إلى ملعب الشباب، أبناء الثامنة عشرة، الذين عليهم أن يثبتوا أنّهم لا يعيشون داخل أثواب آبائهم. أنّهم لا يستمعون إلى الموسيقى نفسها، ولا يرتادون الأماكن نفسها، ولا يعبدون الأصنام نفسها. بقي عليهم أن يثبتوا أنّهم ليسوا أعداداً تضاف إلى لوائح الشطب لهذه الطائفة أو تلك. أنّهم ليسوا أكثر طائفيّة، وليسوا أكثر تبعيّة، وليسوا أكثر تقبّلاً للذلّ وللاسترزاق على أبواب زعماء الطوائف وأمراء الحرب. أنّهم ليسوا قطعاناً تنقاد بسهولة إلى حروب أهليّة جديدة.