عادت الأحذية لترفع مجدداً أمام السفارات، وأمس كان دور السفارة العراقية. هناك تحرّك شباب اتحاد الشباب الديموقراطي اللبناني، مطالبين بإطلاق منتظر الزيدي «المقاوم» من خلف القضبان
قاسم س. قاسم
انطلق المعتصمون بسياراتهم من أمام مركز اتحاد الشباب الديموقراطي في مار الياس في بيروت، باتجاه الحازمية. هناك كانت القوى الأمنية ووسائل الإعلام بانتظارهم. جهّزت الأحذية ورفعت، إلا «الصبّاط الكبير» الذي أخّر بدء التحرك للحظات. حضرت صور منتظر الزيدي وهو يرمي الحذاء، بينما يحاول رئيس الوزراء العراقي ردّه. أمام باب السفارة العراقية كان الحضور الأمني خجولاً مقارنة بما اعتاده المتظاهرون أمام باقي السفارات. يكسر صوت «الرفاق» صمت المكان فيزعج السكان المحيطين بالسفارة. تتبدل هذه المرة الشعارات مع تغير المناسبة، حتى الرئيس الأميركي الجديد قد تغير أيضاً فارتفعت شعارات تنبهه من مصير سلفه «يا أوباما إنتا وجاية تذكر بوش والصرماية»، وأخرى تحذره من المصير نفسه «قولوا لأوباما قولوا عنا صرامي بطولو».
فجأة، يسكت الجميع. يعمّ الصمت المكان الهادئ أصلاً. تخرج نهى نمور من بين الجموع لتلقي كلمة الاتحاد: «نرفض ذلّكم، نرفض غطرستكم (...) ومحاكمتكم ظالمة ومرفوضة بحق الإنسان والإنسانية وحق الشعوب في تقرير مصيرها».
أنهت نمور كلمتها، وعادت أصوات المتظاهرين لتعلو. وكانت حصة الأسد من نصيب رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي: «الشعب العراقي عامل إيه نوري المالكي CIA». لم تشف الصرخات غليل المتضامنين مع الصحافي العراقي. ارتجل أحدهم وعلّق حذاءين على لافتة «سفارة جمهورية العراق»، مطالباً القوى الأمنية بأن «تهديها إلى السفير في حال مروره من هنا»، كما قال. يأتيه الجواب من أحد الصحافيين «يا حبيبي بعد ما في سفير للعراق».
لم يتعب رئيس المجلس الوطني لاتحاد الشباب الديموقراطي، عربي العنداري، من التنقل بين وسيلة إعلامية وأخرى ليشرح هدف الاعتصام التضامني مع الزيدي. فبالنسبة إلى العنداري الهدف هو «أن لا يغيب منتظر عمن أعرب تضامنه معه وخصوصاً بعد حرب غزة التي أنستنا منتظر لفترة». وينتقد المحكمة بأنها «صورية وتحت وصاية محتل»، داعياً من تضامن وطلب شراء الحذاء بملايين الدولارات إلى أن يتضامن مع منتظر ولا ينساه.
ينتهي النشاط ويبدأ المعتصمون بالانسحاب من أمام السفارة، ما عدا الطالبة في الثانوي الأول رنا عيسى. تشرح الطالبة التي لا تزال ترتدي زيّ مدرستها أنها «تركت المدرسة لأشارك في الاعتصام، ويكفيني فخراً أن هناك رجلاً مثل منتظر في أمتنا». تنسحب رنا هي الأخرى مع المتظاهرين بعدما فكّوا الأحذية عن اللافتة، والسبب «ممكن نستعملها مرة تانية عند السفارة المصرية» و«كرمال ما نعذب القوى الأمنية».
يغادر المعتصمون بهدوء مثلما أتوا. تسأل إحدى جارات السفارة «شو في؟»، يأتيها الجواب «مظاهرة كرمال منتظر الزيدي». يعلق أحدهم على سخرية القدر «للأسف، كنا نأتي منذ ثلاث سنوات إلى هنا للتطوع من أجل العراق، واليوم نعتصم ضد العراق». تسأله صديقته ضاحكةً: «حاكموه ثلاث سنوات لأنه ضرب بوش بفردتي حذاء، لو ضربه منتظر بفردة وحدة معقول كانوا يحاكموه سنة ونصف؟».