حرف إرده ــ الأخبارتدبّ الحيرة في قلب سيمونا صادق، قائدة فرقة «الجراميز» في كشافة لبنان ــــ فوج حرف إرده، كلّ أسبوع، عندما تفكّر في المكان اللائق الذي ستأخذ إليه «جراميزها» الصغار من أجل متابعة نشاطاتهم. لم تعد هذه الشابّة تجد في المركز مكاناً مناسباً لأطفالها، وخصوصاً بعد «الطوفانات» المتكرّرة التي تغرق المركز بسبب الأمطار، ما يضطرّها في أحيان كثيرة إلى الاستعانة بالباحة الخارجيّة، كي لا تحرم الأطفال فسحتهم الأسبوعيّة. ليست فرقة «الجراميز» وحدها التي تواجه هذه الحيرة، ففرقة الأشبال أيضاً تعيش همّ تأمين المكان أسبوعياً. ولكن بعدما استقرّ الجراميز في الباحة الخارجية المؤقتة، لم يعد بإمكان الأشبال سوى العودة إلى المركز، رغم الظروف الصعبة والرطوبة العالية.
ولا تقف الحيرة هنا، فثمّة ما هو أقسى من ذلك. إذ لا يكاد فوج حرف إرده للكشافة يستقرّ في مكان حتى يبدأ بالبحث عن مكان آخر، بعدما يصبح عناصره مهدّدين بالرحيل عنه. فلحظة ينتهي عناصر الفوج من ترتيب المكان الذي يمكثون فيه وإصلاحه، يصبحون ملزمين بتركه بعد أن «يحلو في عين صاحبه، لكونه قد أصبح جميلاً وغير الخربة القديمة التي تركها لنا»، يقول قائد الفوج جان جنيد. وإذ يشكر جنيد «كل الأشخاص الذين ساعدوا الفوج منذ أكثر من 35 سنة»، فإنّه ينتقد «من لا يشعر بنا، فنحن نتنقل من مكان إلى آخر من دون أن يرفّ جفن أحد في البلدة».
اليوم، يحاول عناصر الفوج ترميم حياتهم على قدر «ما هو متوافر»، يقول جنيد. والدليل على ذلك المكان المؤقّت الذي يقيمون فيه نشاطاتهم حالياً. فالبيت الصغير الذي يستخدمونه الآن مؤلّف من غرفتين صغيرتين، تغرقهما مياه الأمطار شتاءً، ولا تتركهما الرطوبة لا شتاءً.. ولا حتى صيفاً.
وفي الخارج، عمل قائد الفوج على استحداث غرفة إضافيّة صغيرة للمولّد الكهربائي الخاص بتزويد البلدة بالتيار. وما يزيد الطين بلّة أنّ هذا المولّد الضخم لا تقتصر أضراره على الصوت المزعج، إذ إنّه غالباً ما يتسرّب دخانه إلى الغرفتين المجاورتين، حيث يتدرّب الأطفال. وهو ما لا يحبّذه الأهالي، إذ اضطرّت إحدى الأمهات إلى منع طفلها من دخول المركز، بعدما فوجئت بالمركز، قائلة: «ولو ما في محل تقعدّوهم فيه غير هالخربة، ما حدا بهالضيعة بيعطيكم شي غرفة أحسن من هيدي». لكن، لا جدوى من المطالبة، فمنذ وُجد الفوج لاحقته «لعنة» إيجاد المكان. وهنا، يروي أحد القادة القدامى الذين خدموا الفوج على مدى أكثر من ربع قرن شربل فرنسيس «أن الفوج منذ تأسيسه عام 1972 كان يعاني مشكلة ديمومة المركز، وأنّ مجلس القيادة منذ إنشائه سعى جاهداً من أجل تأمين مركز دائم للفوج إلا أنه لم يصل إلى أي نتيجة».