هاني نعيمفي هذه الأثناء، يحدث في إحدى جامعات بيروت، أنّ شاباً امتنع عن الدخول في علاقة مع زميلته لأنّها تنتمي إلى طائفة مختلفة عن تلك التي ينتمي إليها. هو علماني، ولا يأبه للأديان وطوائفها، ولكنّه يخاف من أن يصطدم، بسبب هذ العلاقة، بعدم تفهّم بيئته المحافظة. وبالتالي، الدخول في علاقة مع «بنت الطايفة» أقل ضرراً على صعيد وجع الرأس.
يحدث أيضاً، أنّ فتاة تعيش مع عائلتها في إحدى القرى اللبنانية النائية، ترغب بشدة في شطب طائفتها من سجل النفوس، كما فعل بعض أقرانها في العاصمة بيروت وفي مناطق أخرى، إلا أن رعبها من نبذ محيطها الاجتماعي لها إذا ما قامت بتلك الخطوة، يمنعها من ذلك.
أين ستهرب من لعنات والدتها وأحكام أخيها الأكبر، و«غمغمات» العائلة، والنظرات المؤنّبة في أحسن الأحوال للمختار الذي سيصدّق على الطلب، ومسؤول الحزب الذي تناصره، أيّاً كان هذا الحزب؟
تعزّي نفسها قائلة: «بلا هالوجعة الراس. الموضوع مش متوقّف علَيِّ. مش رح يصير البلد علماني إذا شطبت الطايفة عن هويتي».
كذلك، يحدث أنّ شاباً سيسير عكس قناعاته السياسية، وينتخب لائحة أحد الآذارين، رغم معرفته بالذنوب والجرائم التي يحملها «في رقبته». لكنه سيقوم بذلك فقط لخوفه من «كسر خاطر» الأهل، وخصوصاً أن «العم الكبير» تعهّد لـ«شيخ القبيلة» الأكبر بأن عدد الأصوات سيكون 16، لا 15.
تتكرّر هذه المشاهد، يتحكّم بإدارتها «مخرجون» على جميع المستويات. على حديد السلاسل التي يفرضونها، تتكسّر أحلام التغيير الجريئة.