القدس ــ أسامة العيسة
تحت شعار «تعزيز العلاقات بين الماضي والحاضر» قرّرت السلطات الإسرائيلية إقامة حديقة أمام مبنى الكنيست لإتاحة الفرصة لأعضائه في الاسترخاء والتأمل في «التراث الثقافي لإسرائيل»، وتعريف الشعب وضيوف الدولة بتاريخها. لذا، لجأت الدولة إلى سرقة آثار من القرى والمدن الفلسطينية، وأخرى إسلامية، لتعرضها في الحديقة باعتبارها من التاريخ التوراتي لإسرائيل. ومن تلك الآثار، «الحجر الأموي»، الذي يزن خمسة أطنان. وقد اختير ليزيّن مدخل الحديقة. وهذا الحجر يعود إلى القرنين الأول والثاني الميلاديّين، فترة الهيكل الثاني.
اكتُشف الحجر في موقع قصر الإمارة الأمويّة، خلال الحفريات الإسرائيلية المحمومة بعد عام 1967. وفي الخامس من نيسان الماضي، كشفت جهات فلسطينية عن إقدام سلطات الاحتلال على سرقته من المنطقة المعروفة باسم الخاتونية، من دون معرفة مصيره. فتقدّمت حينها دائرة الأوقاف الإسلامية بشكوى أمام الشرطة الإسرائيلية، التي نفت علمها بما حدث. وبقي مصير الحجر مجهولاً إلى حين افتتاح الحديقة، إذ فوجئ الزائرون برؤيته معروضاً في القسم المخصص لما تسميه إسرائيل فترة الهيكل الثاني، وهو واحد من ستة أقسام في الحديقة صنّفت بحسب الفترات التاريخية، وآخرها العهد العثماني. الحديقة، التي جهّزت خلال عام، أقيمت بتبرّع من الثري اليهودي شاول ألف فوكس وأسرته. وأعلنت سلطة الآثار الإسرائيلية أن التحف الأثرية في الحديقة تُعرض للمرة الأولى، وجميعها اكتُشفت خلال عمليات المسح والتنقيب الأثريين في القدس منذ القرن التاسع عشر حتى اليوم.
إضافةً إلى الحجر الأموي تحتوي الحديقة على معروضات عديدة، من بينها أرضية فسيفسائية لكنيسة بيزنطية عثر عليها في وادي قدرون، ومعصرة زيتون وأحجار عليها نقوش قديمة. ووضعت هذه الآثار، ضمن حديقة زرعت فيها نباتات متنوعة أُحضرت من مختلف المناطق الفلسطينية.
وفي وقت لاحق صرّح عالم الآثار الإسرائيلي مئير بن دوف، الذي شارك في بعض مراحل التنقيب جنوب الحرم، عن «الاستيلاء على الحجر ونقله إلى الكنيست بالعمل الجنوني». وقال بن دوف في مؤتمر صحافي إنه على استعداد لتقديم تقرير مهني، إذا رفع الفلسطينيون المسألة إلى القضاء، بشأن أهمية بقاء الحجر في مكانه. وبعث جمال زحالقة، عضو الكنيست عن التجمع الوطني، رسالة إلى رئيس الكنيست مطالباً بإعادة الحجر إلى مكانه، لكن دعوته لم تلقَ استجابة.