حسين فرانفي منزل أحد أقاربي في منطقة النبطية، الذي غالباً ما كنت أتردّد إليه، كنت ألتقي دائماً مجموعة من أصدقائه كانت تقصده لقضاء السهرة في لعب الورق. بين شلّة الأصدقاء هذه، كنت أصادف شخصاً من المعارف القدماء لقريبي. لاحظت فور تعرفي إليه أنّه كان كثير الإيمان، هادئ الطباع لدرجة يصعب معها استفزازه مهما بذلت من مجهود. حتى إنه كان، على خلاف الباقين من «زملاء الطاولة» في لعب الورق، يمتنع عن كيل الشتائم لغريمه أثناء اللعب. كان إعجابي بشخصيته واحترامي له يزدادان كلما التقيته، وقد ازداد هذا الإعجاب بعد معرفتي أنّه كان يقاتل العدو الإسرائيلي في صفوف المقاومة، إلى جانب أنّ عائلته كلّها كانت تسير على هذا النهج المقاوم. انقطعت علاقتي بهذا الشخص، وصرت أراه من وقتٍ لآخر على الطريق، في المدرسة، أو أحياناً في ملحمته وفرنه، إذ كنت أقصده أنا وأصدقائي لأكل المناقيش. كان يستقبلنا أحرّ استقبال، بابتسامة دافئة لا تفارق وجهه. منذ فترة، ضمن سلسلة الاعتقالات التي طالت خلايا لبنانية تعمل لمصلحة العدو الإسرائيلي، قُبض على هذا الشخص بتهمة تعامله مع العدو الإسرائيلي! واتضح لاحقاً أنّه كان من أبرز مَن تعاملوا مع العدو على مرّ السنوات، إذ كان يدير أهم مركز لإرسال المعلومات، ويخطّط لاغتيال شخصيّة مهمّة في البلدة. وهو كان السبب في قصف مبنى مقابل لمكان عمله، كان أهلي وأقاربي يختبئون فيه خلال حرب تموز 2006. هل يكفي القول إنني ذُهلت لخبر اعتقاله، وإنني أكاد أفقد الثقة بجميع من هم حولي؟