مايا ياغيأصبح جزءاً من حياتنا العامة. «عادي». انقطعت الكهرباء. «إجت الكهرباء». أما الحياة، فلكل منا روايته الخاصة لكيفية التأقلم مع هذه المشكلة العابرة للأزمنة في لبنان. عقدة ازدادت تعقيداً مع الأيام، ما شجع المواطنين على إيجاد «حلولهم» الفردية، وتنظيم حياتهم حسب «التقنين»، فأصبحت حياتهم تقاس بتوقيت الكهرباء. هذا ما تؤكده سمية عليق عندما تحدثنا عن حياتها في فصل الصيف قائلة: «وقتي مبرمج مع الكهرباء، فعندما يكون هناك تيار، ألتزم المنزل للغسيل والكي، أما إذا كانت مقطوعة فأزور الجيران أو أتسلى بأي شيء». المعاناة تتحول أحياناً إلى طرفة حين تسمع الدكتور كامل مروة وزوجته يحددان موعد خروجهما فتقول زوجته: «اليوم كهربا، بكرا لا، بعدو ايه وبعدو لا، خليها بعد بعد بكرا بتكون الكهربا مقطوعة».
أما سناء الشرقاوي فتحكي من وجهة نظر أخرى، حيث إن انقطاع الكهرباء بشكل متكرر ومتواصل وعدم توافر الاشتراكات في الكثير من قرى الجنوب يجعلها تعمل «ألف حساب إذا أرادت أن تملأ الثلاجة بالمأكولات الجاهزة، لأنها دائماً تعاني من فسادها إثر انقطاع التيار المفاجئ». ولا يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل تتوسع المشكلة وتكبر لتشمل أصحاب المحال التجارية، وخصوصاً بائعي المواد الغذائية. هكذا، يقول جهاد ياسين، وهو صاحب سوبر ماركت إن «المشكلة في هذه الأيام تكون تحديداً مع البوظة، فنار الصيف تكوي القلوب، ومع انقطاع الكهرباء أضطر لتشغيل المولد الكهربائي طوال الليل، كي لا تذوب البوظة، فالمشكلة بين حدين: انقطاع التيار، وعدم وجود اشتراكات في قرى الجنوب بسبب تكلفتها العالية، حيث إن البيوت تبعد كثيراً بعضها عن بعض». الطالبة الجامعية زهراء سويدان تقول: «التقنين يحرمني أحياناً من أداء فروضي، لأن دوام التيار الكهربائي، حسب التقنين الصيفي، يوم ايه ويوم لأ. وأحياناً يكون مطلوباً مني تسليم أمور تطبيقية وإنجازها على الكمبيوتر، ما يضطرني إلى أن أنظم وقت نومي عا ستة وعا 12». ومع أن المواطنين تأقلموا مع الوضع، إلا أن هذا الواقع المتخلف يصبح بمثابة «مفاجأة كبرى» للمغتربين الذين يأتون إلى لبنان صيفاً بهدف الراحة والاستجمام، فيفاجأون بأن إحدى المشكلات التي «هجوا» من البلاد بسببها لا تزال موجودة.