ريتا الشيخكل يوم أمرّ بجانب ذلك الدرج الطويل الملاصق تماماً لمكان سكني وعملي. هذا الدرج الذي يلف من حوله أكياس كثيرة وأغراض قديمة. مما يصعب على القادم الوصول نحو الباب الخشبي الذي تتدلى منه سلاسل حديدية ضخمة، مقفلة، نحاسية اللون. أما النوافذ البنية دائماً في حالة إقفال، كأنه منزل مهجور منذ زمن. والغريب أن لا أحد يقصد هذا البيت كزيارات اجتماعية. أفكر في الفتاة المسجونة داخل هذا المنزل الصامت. في النهار لا نور ولا هواء ولا حياة لفتاة شابة عزلت عن العالم لجبروت والدها العجوز والذي يعتبرها الناس حسب قول والدها بأنها فتاة مريضة بعقلها. في الليل (لا حول لا قوة) أسمع صرخات الفتاة! قيل في الحي بأن العجوز والدها يتقرب منها بالقوة. أتأمل القمر المضيء بلونه الفضي الدافئ وأشعر أنه يبتسم لي.
أنظر تارة أخرى نحو الأسفل حيث أشعر بخوف ورهبة! أرى العجوز قادم ببطء، يفتح السلاسل المقفلة، يحمل بيده قنينة زجاجية، ثم يختفي داخل البيت المظلم.
أما أنا، فأخرج كل يوم إلى عملي بحرية، إلى الحياة! أسمع زقزقة العصافير، أرى الطبيعة الخضراء، أتنشق الهواء، أتأمل الغيوم البيضاء، أرى البحر الأزرق! أتمنى لو أستطيع إنقاذ هذه الفتاة المظلومة، كإنقاذي للعصفور من سجنه، ليفرد جناحيه ويطير بعيداً محلقاً للحرية للحياة! أسأل نفسي من المنقذ؟