صيدا ــ خالد الغربيلم تكن الطرق المقطوعة بالإطارات المطاطية المشتعلة داخل مخيم عين الحلوة، أول من أمس، احتجاجاً على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التي تضمّنت الإطاحة الكاملة لحقهم كلاجئين فلسطينيين في العودة إلى أرضهم، بل توترت الوجوه لسبب آخر، هو الجو المسموم الذي ساد المخيم بعد قتل مجهولين أحد عناصر حركة فتح، أحمد أبو الكل. وإذا كان اللاجئون عموماً متمسكين بحق عودة «مقدس»، فإن أبناء عين الحلوة يتمسّكون بدورهم بحق مقدس آخر «يتمثل بـ«لاعودة» مسلسل التوتر الأمني داخل المخيم»، كما تقول لـ«الأخبار» إحدى بنات المخيم هنا، مريم الشايب، التي تضيف إن «أمن المخيم يجب أن يبقى فوق تصفية الحسابات، ومن حق أبنائه العيش بكرامة وسلام بعيداً من الرصاص والقتل».
الاتهامات التي يسوقها بعض الفلسطينيين داخل المخيم للإعلام والإعلاميين بأنهم «يعظّمون ويكبّرون الأمور، وينقلون أنباءً مضخّمة عن المخيم وأمنه»، لا تقلّل من خوف فئة واسعة من أبناء عين الحلوة من عودة مسلسل الاغتيالات والتصفيات المتبادلة. «فالفتنة» في رأي محمد قدورة، وهو من أبناء المخيم أيضاً، «حالما تنكفئ تطل مجدداً برأسها، تغيب ثم تعود بتكرار مخزٍ». فهل نكون أمام عودة مسلسل التوتر داخل المخيم؟ يسأل قدورة، منتقداً بقوة أداء قادة المخيم «غير الشاطرين إلا بالتصاريح» كما قال.
انتقاد قدورة يقود أحد الفتحاويين السابقين إلى القول: «فرقة الإنشاد والنوبة تعزف فرحاً (في إشارة منه إلى فرقة الكشافة الفلسطينية التي احتفت في مجدليون بفوز الثنائي بهية الحريري وفؤاد السنيورة في انتخابات صيدا) بينما فرقة الموت عادت لتضرب أمن المخيم». أما بائع الخضار فيقول «فلانة حبلت في آخر الدنيا، في أي مكان، إلا أنّ ولادتها لا يمكن أن تحصل إلا عندنا في المخيم»، في دلالة منه على أن المخيم عادة ما يُستخدم لتنفيذ مخططات وتصفية حسابات لا علاقة لأبنائه ولقضيتهم بها، ومع ذلك فهم يحملون تبعات هذه التطورات.
وكان مخيم عين الحلوة قد شهد صباح أول من أمس حالة من الغضب والاستنكار لمقتل أبو الكل، وأغلق أصدقاؤه وعدد من مقاتلي حركة فتح الشوارع الرئيسية في المخيم، مستخدمين العوائق المادية والإطارات المشتعلة، كما أطلقت رشقات نارية في الهواء احتجاجاً. وطالب المحتجّون القوى الفلسطينية والأجهزة الأمنية اللبنانية بالعمل على كشف الجناة . كما أقفلت مختلف المؤسسات التجارية والأسواق أبوابها حداداً، وشلّت الحركة في شوارع المخيم، وكعادتها في ظروف كهذه، عقد القادة الفلسطينيّون اجتماعات، وألّفت لجان متابعة لكنها بحسب أحد الفلسطينيين «ليست إلا فولكلوراً».