Strong>غادر صباح اليوم مقرّر المحكمة الخاصة بلبنان بيروت، كذلك سيغادر قريباً مسيرته الطويلة في العمل القضائي، ومكتبه في لاهاي بعد استقالته بسبب «عدم انسجامه مع بعض العاملين فيها». لكن قبل ذلك حرص روبن فنسنت على إتمام مهماته، وناقش بعض شؤون المحكمةوقّع أمس وزير العدل إبراهيم نجّار مذكرة تفاهم مع المحكمة الدولية الخاصة تتعلّق بمكتبها في لبنان. وللمناسبة حضر إلى بيروت مساء أول من أمس مقرّر المحكمة البريطاني روبن فنسنت، وغادر صباح اليوم عائداً إلى لاهاي. وبهدف التواصل مع الرأي العام اللبناني، عقد فنسنت لقاءً مع صحافيين وممثلين عن منظمات غير حكومية محلية ودولية في فندق الفينيسيا بعد ظهر أمس، تناول خلاله بعض شؤون المحكمة الإدارية والقضائية.
وكان فنسنت قد عقد الأسبوع الفائت اجتماعه الأخير، قبل دخول استقالته من المحكمة حيّز التنفيذ، مع مجلس إدارة المحكمة في نيويورك، الذي يتألّف من ممثلين عن الدول المانحة (بريطانيا والولايات المتحدو وفرنسا وغيرها) بحث خلاله ملفَّي جمع التمويل اللازم، وتخمين حجم الإنفاق. وخلص فنسنت إلى التأكيد أن لا مشكلة مالية تعترض استمرار عمل المحكة للعامين القادمين، لا بل إن الأموال المتوافرة حالياً تفوق الحاجة. ورجّح أن تنطلق جلسات المحاكمة في 2010 وأن كلفة المحكمة ستزيد بسبب ذلك بنحو 14 مليون دولار عن كلفة 2009، بحيث ستبلغ 65 مليون دولار أميركي. وكشف المقرّر عن حجم كلفة تجهيز قاعة المحاكمة (أي تحويلها من ملعب رياضي كما هي حالها اليوم) ويبلغ 8 ملايين دولار أميركي.
يذكر أن مضبطة الاتهام لم تصدر عن المدعي العام دنيال بلمار حتى اليوم، ويُفترض أن يخضع الاتهام القضائي لعدد من الإجراءات القضائية قبل إحالته على هيئة المحكمة، وبالتالي فإن حديث روبن فنسنت عن موعد للمحاكمات يندرج في باب التكهّنات. يوافق فنسنت على ذلك التوصيف لكنه يعدّه ضرورياً لتقدير حجم الأموال التي ينبغي جمعها لعام 2010.
أما في ما يخصّ ما ورد في مجلّة دير شبيغل الألمانية عن تسريب معلومات عن احتمال ضلوع حزب الله في جريمة اغتيال الحريري، فأكّد فنسنت ثبات موقف بلمار بعدم التعليق على ما يرد في الوسائل الإعلامية. ذكّرت «الأخبار» مقرّر المحكمة بأن بلمار نفسه خلال مقابلة في 11 شباط 2009 كان قد أفاد أنه طلب من المسؤولة الإعلامية لديه أن تنفي «نفياً قاطعاً في وسائل الإعلام» تسريبات إعلامية تفيد أنه سينشر حوالى 230 اسماً في تقريره. ويشير ذلك إلى ازدواجية في معايير بلمار، بحيث ينفي حيناً ويدّعي أنه لا يعلّق أحياناً أخرى. «أنتم مثاليون» قال فنسنت لـ«الأخبار». ومن المفيد التذكير في هذا الإطار بما ورد في النصّ الحرفي لقرار مجلس الأمن رقم 1757 من تأكيد على «إنشاء هذه المحكمة استناداً إلى أعلى المعايير الدولية في مجال العدالة الجنائية».
في شأن آخر، تحدّث فنسنت عن ثلاث محطات لحماية الشهود: قبل المحاكمة وأثناءها وبعد صدور الأحكام. وعند سؤال ممثّل منظمة «هيومن رايتس ووتش» في بيروت نديم حوري عن الشاهد زياد ر. الذي أدلى بإفادته بطلب من لجنة التحقيق الدولية وهو في السجن منذ نحو عامين لأسباب مجهولة (بحسب حوري)، أجاب فنسنت إن المحكمة لم تطلب سَجن أي شخص، وإن ذلك يعود إلى قرار السلطات المحلية.
وشدّد فنسنت على أهمية التواصل مع اللبنانيين، واعترف في هذا السياق بأنه غير راضٍ عن الموقع الإلكتروني الحالي للمحكمة. لكنه وعد بأن تحسينات ستطرأ عليه ابتداءً من آخر الشهر الحالي. وشرح أن مكتب بيروت سيكون بمثابة «عدسة للمحكمة في لاهاي»، أي إن اللبنانيين سيطّلعون على ما يجري هناك من خلال هذا المكتب. وقال إن العاملين فيه سيتمتّعون بالحصانة الدبلوماسية.
حضر اللقاء إلى جانب فنسنت عدد من المسؤولين في المحكمة الخاصة بلبنان، ومنهم المستشارة القانونية في مكتب المقرّر ايريكا لاين تموزا، وهي من لاتفيا، أكملت دراستها عام 2007 في جامعة بيتسبرغ في الولايات المتحدة، وخدمت في مكتب الاستشارات القانونية الخاص بالسفير الأميركي في هولندا. كما حضر رئيس قسم اللغات في قلم المحكمة سمعان جلال، وهو عراقي غادر بلاده عام 1990 ودرس في جامعة «هريوت وات» في مدينة يورك البريطانية، ثمّ عمل مترجماً للأمم المتحدة في جنيف. لديه تصريحات إعلامية قوية اللهجة بحقّ الرئيس العراقي السابق صدام حسين. وحضر أيضاً رئيس قسم الأمن والحماية في المحكمة جوزيف هوغان، وهو بريطاني يحمل شهادة ماجيستير في الأمن وإدارة المخاطر الأمنية من جامعة ليستر البريطانية، يشغل اليوم، إلى جانب منصبه في المحكمة الخاصة بلبنان، منصب المسؤول الأمني في منظمة حظر الأسلحة الكيميائية (OPCW). وكان هوغان قد شغل منصب رئيس بعثة السلامة والأمن التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE) في كوسوفو بين 2002 و2004.
(الأخبار)