في وقت تطوّر فيه الإعلام حتّى أصبح سلاحاً عالمياً، تشهد كليّات الإعلام في لبنان تنافساً حامياً، إذ تحاول إنتاج طلاب قادرين على خوض معركة الإعلام بكلّ أشكاله. فماذا تقدّم كلية الإعلام لطلابها في الجامعة اللبنانية؟ وبماذا تختلف عن كليّة الإعلام في جامعة بيروت العربيّة؟
أيمن القادري
ضمّت كليّة الإعلام ـــــ1 في الجامعة اللبنانيّة لهذا العام الدراسي 743 طالباً، معظمهم من الإناث، ككل عام. ظاهرة تشرحها الطّالبة زينب رمّال (سنة ثانية إدارة معلومات ومكتبات) بقولها: «يميل الذكور نحو الاختصاصات العلمية، فيما تتّجه الإناث كثيراً نحو الأدب والعاطفة».
أما كليّة الإعلام في جامعة بيروت العربيّة، فقد ضمت هذا العام 176 طالباً، من دون طلاب السنة الأولى العامة التحضيريّة الذين يبلغ عددهم وحدهم 200. فالطالب، بحسب نظام «العربيّة»، يحتاج إلى سنة أولى آداب عامة يخضع بعدها إلى اختبار خطّي وشفهي ليُنقل تماماً إلى اختصاص الإعلام، وبالتالي، يحتاج الطالب إلى أربع سنوات متتالية ليتخرّج. وبحسب نظام الجامعة أيضاً، يُحرم من هذا الاختبار كل طالب رسب ولو في مادة واحدة في كليّة الآداب. يرى الطّالب نادر عز الدّين، (سنة رابعة إعلام)، أن «السّنة الأولى هي محاولة تثقيفيّة لكلّ طالب ولو أن موادها لا تتعلّق مباشرة بالإعلام»، بينما ترى الطالبة سارة دبّوس (سنة ثالثة إعلام) أنها «سنة ضائعة لا طائل منها»، ويعتقد الطّالب وسيم حيدر، (سنة رابعة إعلام)، أن «الجامعة تستخدم تلك السنة عامل جذب للطلاب لأنّها لا تتطلب مباراة دخول، لكنهم سرعان ما يفاجأون بوجود اختبار بعدها».
يعبّر طلاب إعلام «اللبنانيّة» عن رضاهم عن مستوى أساتذتهم. فالطالبة ساره السّبع، (سنة ثانية إذاعة وتلفزيون)، ترى أن «الأساتذة هم على مستوى عالٍ من الثّقافة ومن امتلاك المعلومات الإعلاميّة. في السياق ذاته، يعتبر طلاب «العربيّة» أنّ أساتذتهم على مستوى مهم من الكفاءة، يشهد عليها طلابهم، ومنهم بديع الهابط، (سنة رابعة إعلام)، إذ يقول «الأساتذة لديهم خبرة وكفاءة وتاريخ معروف في مجال تعليم الإعلام».
يتلقى الطالب في كلية إعلام «اللبنانية» 9 مواد في كل فصل، فيما يتلقى زميله في إعلام «العربية» 5 مواد في كل فصل. أما لجهة مدى ملاءمة المواد التي تُدرس مع اختصاص الإعلام، فيرى الطالب محمود غزيّل، (ماستر صحافة مكتوبة في «اللبنانية»)، أن المواد التي يدرسها «هي القاعدة الأساس لكل صحافي ناجح». على هذا الموضوع، تعلّق الطالبة فرح رمضان، (سنة أولى علاقات عامة وإعلانات في «اللبنانية»)، «وإن كانت بعض المواد أقرب إلى الحشو في برنامجنا الدراسي كمادة تطور الفكر الإنساني مثلاً، إلا أنها تمثّل خلفية ثقافية لكل طالب»، فيما يلفت الطالب نادر عز الدين، (سنة رابعة إعلام في «العربية»)، إلى «عدم تلاؤم جميع المواد مع الاختصاص، والإدارة تعمل حالياً على تعديل البرامج».
وبهدف مجاراة التطور التكنولوجي من حولها، تجهّز الإدارة في كلية الإعلام ـــــ1 في الجامعة اللبنانية قاعة في الطابق الرابع باستديو، سيتيح للطلاب فرصة الوقوف أمام عدسات الكاميرا وإعداد البرامج التلفزيونية وتصويرها وإخراجها، والقيام بتجارب الأداء والتحكم بالأجهزة كلها. وسيُبدأ بتدريب الطلاب على الإخراج الفني والمونتاج والتصوير على أيدي الأستاذين محمد جمعة وعدنان ياسين اللذين يعتبران «أن الأستديو سيكون مكمّلاً للكتاب النظري. وهو خطوة مهمة وضرورية ولو جاءت متأخّرة».
كذلك، في كلية إعلام الجامعة العربية، قسم رئيس قسم الإعلام الدكتور جمال مجاهد البرنامج الأكاديمي إلى قسمين: نظري وعملي. فالطابق 12 يحتوي على قاعة ضخمة فيها أجهزة متطورة من إذاعة إلى استديو تصوير تلفزيوني واستديو آخر للتصوير الصحافي. هناك، يتدرب الطالب في كلية الإعلام على كل ما يتعلق بالعمل الإعلامي ليتخرّج وهو يحمل شهادة خبرة، بالإضافة إلى اختصاصه.
إلا أن الحياة الأكاديمية ليست وردية تماماً في كلتا الجامعتين: ففي إعلام «اللبنانية» ـــــ1، يواجه الطلاب مشاكل ناتجة بمجملها من الإهمال الإداري كما يروي بعضهم. فالغرف غير مكيّفة، ومياه الأمطار تتجمّع في الملعب مفتقرة إلى مجرى، ومستوى الكافيتيريا في كليتهم سيئ، ما يدفعهم إلى قصد كافيتيريا الكليات المجاورة.
ممكن وصف المشاكل التي يعانيها الطلاب في «اللبنانية» بالمادية. أما تلك التي يواجهها الطلاب في «العربية»، فتتعلق بالمواد التعليمية. الطالبة زينب شمص (سنة ثالثة إعلام)، تشكو من أن «أغلب المواد التي نتلقاها لا تفيدنا في مجال الإعلام، فيما مواد التدريب في الاستديو قليلة»، لتضيف زميلتها، الطالبة سارة دبوس «يجب العمل على تعديل بعض المواد من أجل ملاءمتها الاختصاص». أما الطالبة ملاك فخر الدين فترى أن «معظم الأساتذة لا يحضرون في وقتهم المحدد، لذلك يجب زيادة عدد الحصص».
ولكي يكون طلاب الإعلام في «اللبنانية» أكثر اندماجاً في جوّ اختصاصهم، تصدر مجموعة منهم مجلة شهرية اسمها «طلاب»، متنوعة المواضيع، تشرح رئيسة تحريرها، الطالبة كاتيا البيروتي «أنها تمثّل الجزء التطبيقي في مقابل ذلك النظري الذي نتلقاه، وقد عملنا على ألا تأخذ المجلة طابعاً سياسياً تفادياً لجعلها ساحة للصراع السياسي».
أما في «العربية»، فسيعيد الطلاب قريباً إصدار مجلة دوريّة اسمها «الزميل»، كانت قد توقفت عن الصدور خلال الفترة السابقة.


تعدّدت الأسباب والنتيجة واحدة

تختلف أسباب اختيار كلية دون الأخرى بين الطلاب. محمد مكاوي، (سنة ثالثة إدارة معلومات ومكتبات)، اختار اللبنانية «لأنها الأقسى منهاجاً والأقوى شهادةً من أية جامعة أخرى». أما «العربية»، فقد اختارتها ملاك فخر الدين، (سنة ثانية إعلام)، «لأنها تحوي استديو ضخماً مهماً يوازي أية محطة تلفزيونية». كثيرون أيضاً الطلاب الذين لم ينجحوا في مباراة الدخول في «اللبنانية»، فانتقلوا إلى «العربية».