حور الموسويونعود بالذكرى إلى يوم هوت الحصون والقلاع، وفُتحت الأبواب. قالت القرى أهلاً بالفاتحين المقاومين المجاهدين. بدأَت الحكاية من بوابة الغندوريّة عروسة نصر تمّوز إلى وادي الحجير مقبرة العدّو وصولاً إلى القنطرة ودير سريان إلى الطيبة الصابرة العصيّة على الاحتلال إلى كلّ المعابر والمداخل. توافد شرفاء هذه الأمّة أفواجاً أفواجاً، هم شعب المقاومة، أهالي الشُّهداء، المقاومون والأَسرى والجرحى الذين لا يهابون لا يخافون ويتقدمون.
هناك من بيت ياحون إلى كونين تتلألأ بنت جبيل في العيون، هي شوكة في عين الاحتلال، عروسة القرى، وعاصمة التحرير. يطلّ مارون الرّاس على الجليل ليخبره إنّا قادمون. أمّا من جهة الغرب إلى جوار البحر، فكالموج يمضون إلى أقصى الحدود نحو النّاقورة بجوار الشّريط حيث عيتا الشّعب الشاهدة والشهيدة الحية.
اليوم أشرقت الشمس مرتين: مرة في الصباح ومرة عندما حطم القادمون سلاسل السجّان في معتقل الخيام. ها هم يخرجون يصرخون يهلّلون الله أَكْبر لقد تحرّر لبنان.
ونعود بالذكرى، إلى أيام المقاومة والانتصار، ثلاثة أيام هزّت العالم. هي مناسبة عظيمة نقف أمامها حائرين، كيف يمكننا الاحتفال بطريقة لائقة. فالخامس والعشرون من أيّار ليس عيداً كباقي الأعياد، هو يوم نصرنا وعزتنا وانتصار دمنا، هو يوم شهدائنا الذين سقوا هذه الأرض الطيبة بدمائهم وكللوا الجبال والوديان بأرواحهم المباركة، ومضوا إلى حيث عاهدوا الله، وأبناء وطنهم وأمتهم. تاركين لنا أمانة أغلى وأعز من كل ما في هذه الأرض: الحريّة. 25 أيّار هو ميلاد لبنان الحر، لبنان البطولة، لبنان النّصر، ولبنان الشّعلة الذي أضاء ظلام الهزيمة والاتّفاقات الانهزاميّة والتخاذل والتراجع والمساومة والهرولة وراء أوهام السلام الكاذب مع كيان عنصري مجرم.
في مثل هذه الأيّام، يقف لبنان بكل بنيه ومدنه وقراه بكل أتعابه وجراحاته، بكل آماله وآلامه شامخاً رافع الرأس مزهوّاً بما حقّقه نموذجاً يحتذى بقدرة شعبه على النّهوض من الرّكام وتحقيق المعجزات.
بين السّابع عشر من أيّار 1983 والخامس والعشرين من أيّار 2000 رحلة ملؤها الصلابة والتّحدي ورفض الأمر الواقع والإذعان. سبعة عشر عاماً مضينا على تلك الطريق حتى محونا آخر حرف في 17 أيّار عن كل قمة وتلّة وموقع، وقّع المتخاذلون صكّ التنازل عنها في ذلك اليوم، تاريخنا الجديد هو 25 أيّار 2000.