ثلاثة أيام فقط، وتنطلق العملية الانتخابية. يستمر حرق الأعصاب، بالتزامن مع حرق الأشياء الأخرى، من سيارات وصور ومكاتب. حتى الآن، لم تخرج الإشكالات عن الطّور المعقول، إلا أن امتدادها على رقعة واسعة ليس مطمئناً
أحمد محسن
لم تسلم صور الرئيس الحريري من التمزيق، رغم استشهاده، ورغم أنه لم يعد مرشحاً للانتخابات النيابية. تتعرض هي الأخرى لحملات التشويه. كان آخر هذه الحملات، تعرّض صورته، وصورة الرائد الشهيد وسام عيد للتمزيق، من قبل مجهولين في ساحة الدفتردار (الشمال). وكما تجري الأمور في حالات كهذه، أكدت تقارير أمنية أن أهالي المنطقة عملوا على وضع صورة بديلة لها. كان ذلك في العاشرة صباحاً. وبعدها بدقيقتين، لحظت التقارير نفسها أن مجهولين أضرموا النيران في أحد المكاتب الانتخابية للكتلة الشعبية في بلدة تعلبايا البقاعية، التي يرأسها النائب إيلي سكاف. أتت النيران على باب المدخل وبعض محتوياته. وفي حادثة لافتة، ادّعى المواطن برنار أ. (30 عاماً) أنه تلاسن مع المواطن الياس خ. (اتّهمه في ادّعائه أنه من مناصري التيار الوطني الحر) في منطقة الزلقا. أما السبب الذي نقلته تقارير أمنية؟ فكان «زمّور الجنرال»، وأكدت التقارير أن برنار هو من مناصري القوات اللبنانية، فاستفزّه البوق العوني.

الشمال: بؤرة انتخابية ساخنة

ما يجمع معظم هذه الحالات، غير أنها كلها بسبب الانتخابات، هو اختفاء الفاعل غالباً. في أغلب الحالات تورد تقارير أمنية أن «مجهولاً» أقدم على الحرق، أو على التخريب. لكن الأمر لا يخلو من الصدامات المباشرة. أحد هذه الصدامات وقع في بلدة برج العرب (حلبا ـــــ عكار) أول من أمس. بدأ الأمر بالتلاسن بين مناصري النائب السابق وجيه البعريني ومناصري تيار المستقبل. وأشارت تقارير أمنية رسمية إلى أن مناصري تيار المستقبل حاولوا نزع لافتة تحوي شعارات مؤيدة للبعريني، واستبدالها بأخرى تؤيد تيار المستقبل، مؤكدةً أن التشنج انتهى ولم يتطوّر إلى عراك. انتهى الموضوع بإزالة اللافتتين من المنطقة، كي يعود الأمر إلى طبيعته. وفي الشمال أيضاً، في بلدة مرياطة (زغرتا)، ومع سقوط ساعات المساء الأولى، تضارب عدد من المواطنين في ما بينهم، وأشارت مصادر أمنية إلى أنهم منقسمون بين مؤيدين للنائبة نائلة معوض من جهة، والرئيس الأسبق للحكومة عمر كرامي من جهة ثانية. وبعد انتهاء العراك، حضر المواطنان م. ع وشقيقه ط. ع. إلى مخفر الرميلة، وقد بدت عليهما آثار الضرب. وفي الحديث عن الشمال، تجدر الإشارة إلى أن بلدة المنية، شهدت عراكاً بالأيدي عكّر أحد احتفالات التيار الانتخابية، بين مناصري تيار المستقبل وأشخاص وصفتهم تقارير أمنية بالمجهولين. لم ينته العراك إلا بعد تدخّل وحدات من الجيش اللبناني.

القوى الأمنية تعلن إجراءاتها

بقاعاً، النفوس هادئة لولا بعض الخروق المباغتة. وقد فوجئ بعض المتحمّسين للانتخابات أول من أمس، من موالي تيار المستقبل العائدين من بلدة الكنيسة، ببعض الأشخاص من بلدة الحيصة. تضارب الفريقان بالعصيّ والأيدي، وقد أدى ذلك إلى إصابة شخصين من بلدة الكنيسة، ما استلزم تدخلاً سريعاً من القوى الأمنية. وقبل انتصاف ليل أول من أمس، حضر القاصران ع. ر. (17 عاماً)، وأ. ر. (16 عاماً) للادّعاء في القضية نفسها، إذ تبيّن أن قاصراً آخر ع. إ (16 عاماً) نقل إلى المتسشفى لإصابته بجروح تمت معالجتها. وفي محاولة لتدراك أي إشكالات قد لا تحمد عقباها، عقد مجلس الأمن الفرعي في البقاع، أمس، جلسة برئاسة محافظ البقاع القاضي أنطوان سليمان، بحضور النائب العام الاستئنافي في البقاع، القاضي فريد كلاس، وقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية في البقاع. وعلمت «الأخبار» أن الاجتماع خصّص للبحث في الإجراءات الإدارية والتدابير الأمنية لمواكبة حسن سير العملية الانتخابية النيابية في السابع من حزيران، وشدد المجتمعون على ضرورة بذل أقصى الجهود لإنجاح هذه العملية من جميع النواحي، والتقيّد بمقررات مجلس الأمن المركزي على هذا الصعيد. وفي هذا الصدد، أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بياناً أمس، بناءً على قرارات وزير الداخلية والبلديات زياد بارود، نبّهت فيه المواطنين إلى بعض الإجراءات التي ستتخذ خلال يوم الانتخابات النيابية، حيث من المتوقع أن تشهد الطرقات حركة سير غير مسبوقة، قبل وأثناء وبعد إجراء العملية الانتخابية. وأعلنت القوى الأمنية أنها ستمنع سير الشاحنات على كامل الأراضي اللبنانية اعتباراً من ظهر يوم السبت 6/6/2009 ولغاية الساعة 22،00 من مساء الاثنين 8 حزيران، وطلبت من المواطنين عدم السير ضمن مواكب انتخابية في المناطق، وبصورة خاصة على الأوتوسترادات والشوارع الرئيسية منعاً لحصول أية عرقلة سير، وتسهيلاً لوصول الناخبين إلى المراكز التي سيقترعون فيها.