تعقد «الحملة المدنيّة لدعم مشاركة النساء في الحكومة» اجتماعاً عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم في مقر المجلس النسائي في الصنائع لتقويم تحرّكها باتجاه الزعماء السياسيين الذين اتّسمت تصريحاتهم بإيجابية وتفاؤل بقيا «مشوبَين بالحذر»، لأنهما لم يكونا كافيين ليبني عليهما الوفد أي توقعات بتوزير نساء في الحكومة، بل مجرد آمال بتحقيق الوعود
مهى زراقط
لم تكتمل بعد الزيارات التي يقوم بها وفد «الحملة المدنية لدعم مشاركة النساء في الحكومة» إلى الرؤساء والقادة السياسيين. إذ ينتظر الوفد موعداً أخيراً من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، وإن كانت الإجابة المتوقعة منه إيجابية على غرار كلّ الإجابات التي تلقاها الوفد من السياسيين الذين التقاهم. على الرغم من ذلك، لا يجزم أي من أعضاء الوفد باحتمال اختيار نساء في التشكيلة الحكومية المقبلة، بل تبقى الردود عن هذا السؤال في إطار التمنيات.
هذا ما تعبر عنه رئيسة المجلس النسائي اللبناني أمان شعراني، حين تقول رداً على سؤال عن احتمال تلقي اتصالات هاتفية مفاجئة بعدد من النساء، كما حصل عشية تأليف الحكومة في عام 2004: «أتمنى أن تحصل اتصالات هاتفية، فنحن أمام فرصة لاختراق هذا الجدار».
الجدار الذي تحكي عنه شعراني هو عدم وصول المرأة إلى مركز القرار السياسي على الرغم من الدور الكبير الذي تقوم به في مختلف المرافق الاجتماعية والأكاديمية وحتى عالم الأعمال، وذلك على الرغم من حجم الكتلة النسائية الناخبة. ففي الانتخابات النيابية الأخيرة، بلغ عدد الإناث مليوناً و606 آلاف و781 ناخبة، فيما وصل عدد الناخبين الذكور إلى مليون و547 ألفاً و974 ناخباً، لكن عدد المرشحات وصل إلى 12 فقط، مقابل 587 من الرجال، لم يفز منهنّ إلا 4. وقد لفت تقرير الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات إلى هذا الأمر، حيث ورد فيه: «بالرغم من اقتراع المرأة اللبنانية بكثافة، لا تزال مشاركتها في العمليات السياسية اللبنانية ضئيلة جداً. وتفتقد الهيئات السياسية إلى التوازن بين الجنسين... وهنّ يشكلن 3% من البرلمان الجديد، فيما وصلت النسبة عام 2005 إلى أقل من 5%».
وتعدّ النسبة الأخيرة الأكبر منذ أن تكرّست حقوق المرأة اللبنانية السياسية بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 37، الصادر بتاريخ 18 شباط 1953 أي بعد عشر سنوات على إعلان استقلال لبنان. لكن أي امرأة لم تدخل البرلمان اللبناني بواسطة الاقتراع الفعلي قبل عام 1992، أي بعد 38 عاماً، كما يفيد التقرير الرسمي حول اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، الصادر عن الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية.
نطالب من ينتقد التحرّك بإرشادنا إلى طريقة ثانية
أسباب كثيرة تقف خلف هذا الخلل الفاضح في التمثيل النيابي. منه ما يتعلق بالنظام السياسي والقانون الانتخابي، الذي سقط مشروع الكوتا من الإصلاحات المدرجة عليه، ومنه ما يتعلق بالأحزاب السياسية القادرة على إيصال النساء، لكنها لم تبادر يوماً إلى ذلك.
في هذا الإطار، تبرز مجموعة من الأسئلة عن جدوى التحرك الذي يقوم به وفد الحملة المدنية إلى سياسيين، يتحمل بعضهم مسؤولية إقصاء المرأة عن الندوة البرلمانية. هل هذه الطريقة المثلى التي تعطي المرأة حقها؟
«دلّيني إلى طريق آخر» تقول أستاذة العلوم السياسية في الجامعة اليسوعية الدكتورة فاديا كيوان، مستنكرة السؤال. برأيها يأتي هذا التحرّك للتعبير عن «استغرابنا واستيائنا للطريقة التي تعامل فيها المرأة، ولأننا بتنا مضطرّات للقيام بحملة مماثلة من أجل الوصول إلى مراكز القرار»، معلنة من دون تردد: «أنا أؤيد هذا التحرّك من دون
تحفّظ».
كيوان عضو في الحملة، وهي شاركت في اللقاء الأول للوفد مع رئيس الجمهورية. لا تنفي أنها كانت سابقاً ضد فكرة الكوتا، حتى في الانتخابات النيابية، «لكني عندما أعدت التفكير بها لاحقاً تساءلت: أليس المجلس النيابي كلّه قائماً على مبدأ الكوتا الطائفية؟ ثم تبيّن لي من خلال التجارب في عديد من الدول أن النساء لم يصلن إلى الندوة البرلمانية إلا بعد اعتماد الكوتا ولو بشكل مؤقت». لذلك هي تجد في هذه الحملة «إشارة إلى اهتمام النساء بالسياسة، وهو دليل وعي وروح نضالية».
هذا ما تؤكده الوزيرة السابقة وفاء الضيقة، التي تلقت اتصالاً مفاجئاً عام 2004 من الرئيس نبيه بري لتبوّء منصب حكومي، مع زميلتها الوزيرة ليلى الصلح. انطلاقاً من هذه التجربة تجزم بأن وصول النساء إلى مراكز القرار يرتبط بتوافر الإرادة السياسية لذلك، من دون أن تجزم باحتمال أن يؤدي هذا التحرّك إلى نتيجة، بل تكتفي كما شعراني بالأمل. وتقول مستبقةً الانتقادات التي توجه إلى التحرّك: «نحن لا نطرح أنفسنا ولا نطالب بتوزير شخصيات معينة. هذا التحرّك لخدمة قضية المرأة وليس قضية خاصة». ونظراً إلى أحقية هذه القضية، تدافع الضيقة عن تحرّك الحملة. فترى أنه ليس إلا وسيلة من وسائل عديدة يجب القيام بها: «أن يكون التحرّك أكبر والضغط لإدراجه على الأجندة السياسية، والأهم أن تتبوأ النساء مراكز قرار في أحزابهن».
هذا التحرّك إذاً ليس إلا محاولة، تذهب شعراني إلى وصفها بالفرصة التي يجب التقاطها، وخصوصاً «أننا لمسنا عند الجميع استجابتهم لمطلبنا. فنحن مثلاً كنّا نطالب بكوتا نسبتها 30%، فيما كان بعض السياسيين يعلنون أنهم مع حصة للنساء تصل إلى النصف، كما قال لنا الجنرال عون. كذلك أكد دولة الرئيس المكلف أنه مع الكوتا ومع مشاركة النساء». رغم هذه الإجابات، تكرّر شعراني القول: «لا تسأليني ماذا أتوقع. أنا أخبرك الوقائع التي حصلت، لكني لا أعرف ما الذي سيحصل بناءً عليها. لا أعرف كيف سيستطيع السياسيون تركيب الحكومة»، مختصرة المطالب باثنين: «توزير النساء وأن يتم اختيار امرأة من المجتمع المدني، وننطلق في طلبنا هذا من التجربة الناجحة للوزير زياد بارود الآتي من المجتمع المدني».