لم تعد لعبة «الرافتينغ» تثير دهشة أبناء الهرمل كما كانت عليه الحال قبل سنوات، كما لم يعد الإقبال عليها ضعيفاً. فالمبادرات الفردية التي يقوم بها شبان المنطقة جعلتها تلقى رواجاً ملحوظاً وإن لم يكن على مستوى التوقعاتمهى زراقط
Go يقول المشرف على القارب المطاطي الذي يعبر نهر العاصي، فيسارع ركابه إلى التجذيف. Stop هي الكلمة التي توقفهم. هذه باختصار القاعدة العامة التي تختصر لعبة «الرافتينغ» في نهر العاصي للمبتدئين من السياح أو الباحثين عن تمضية نهار ممتع لا يخلو من بعض الإثارة.
هذه اللعبة كانت قبل سنوات خلت تثير الدهشة لدى أبناء الهرمل، لكنها عندما تحوّلت إلى مشروع منتج لشبان المنطقة، بدأت تلاقي رواجاً ملحوظاً دفع بعدد من أصحاب المتنزهات القائمة عند ضفاف النهر إلى الاستثمار فيها. حتى روّاد المكان اعتادوا على مشهد القوارب المطاطية الملوّنة تعبر نهر العاصي، مترافقة مع صيحات ركابها، وخصوصاً عند نزول الشلالات، أو العبور تحت غصن شجرة أو نوع آخر من الحواجز وضعها منشّطو اللعبة لجعلها أكثر متعة. بل إن بعض روّاد المتنزهات لا يترددون في التدخل. كأن يبادر أحدهم إلى الصراخ عن كرسي طاولة الطعام حيث هو جالس: GOOO طويلة، تجعل ركاب القوارب المطاطية يسارعون إلى التجذيف قبل أن ينتبهوا إلى أن الأمر لم يصدر عن المشرف على القارب، بل من شاب غرق في الضحك لنجاحه في تأدية مهمته.
شاب آخر لم يتردد في النزول إلى النهر، وملء جاط بلاستيكي بالمياه لرشق ركاب القارب به. عندها تصبح «اللعبة وسخة». ينزل ركاب القارب إلى النهر بعد أن يخلعوا خوذاتهم، ويروحون يملأونها بالمياه لرشق المشاغبين من روّاد المتنزهات، كامنين في الوقت نفسه لركاب قارب آخر يلحق بهم. «اللعبة الوسخة» لا تكتفي بتحضير كمائن للغير، بل قد ينفذها المشرف على القارب بحق الموجودين معه. كأن يعمد إلى رمي أحد الركاب في النهر، أو يقوم «بتنفيس» هواء القارب بعض الشيء لدى الوصول إلى شلالات الدردارة لكي ينزل متهادياً على المياه.
هذه التفاصيل تستغرق ساعتين في أقلّ تقدير، يسير خلالها القارب المطاطي مسافة 5 كيلومترات، تسبقها نصف ساعة من الإرشادات العملية التي تتيح السير في النهر بأمان كامل. واللافت أن القيّمين على اللعبة هم من شبان المنطقة الذين وجدوا في هذا العمل فسحة لعمل منتج، رغم كلفته المرتفعة، وخصوصاً أن بعضهم خضع لدورات تدريبية متخصصة للمحافظة على سلامة الراكبين.
يتراوح سعر القارب بين 5 إلى 7 آلاف يورو. الكلفة مرتفعة لكنها تستحق المغامرة، وخصوصاً أنها بدأت تلقى إقبالاً ملحوظاً، بحيث يقول المشرف على نادي «أكوا عاصي» إنه يستقبل في ناديه يومي السبت والأحد عدداً يتراوح بين الـ150 إلى 300 شخص. وهو عدد يمكنه أن يرتفع إذا كانت المنطقة تحظى بالدعاية اللازمة، كما غيرها من الأماكن السياحية في لبنان. لكن الدعاية، كما المشروع، يقومان على جهد فردي من خلال شبكة تواصل صغيرة أقامها الشبان في ما بينهم لربط عدد من مشاريع السياحة البيئية والرياضية في المنطقة.
فيمكن أي سائح أن يتجه مباشرة إلى النادي الذي ينوي ممارسة «الرافتينغ» فيه، حيث ينام في خيم أو بيوت صغيرة أقيمت عند ضفاف العاصي، أو ينام في جرود الهرمل، حيث يمارس رياضتي المشي والتسلق، ويذهب في اليوم التالي إلى نهر العاصي. وهناك خيار النوم في بعلبك، والقيام بجولة تشمل عيون السيمان، السلسة الغربية المطلة على سهل البقاع، وصولاً إلى جرود الهرمل ثم العاصي، وتتراوح كلفة هذه العروض بين 90 و260 دولاراً.

علي عواضة وحلمه «العاصي»
كلما ذُكرت لعبتا «الكانوي كاياك» و»الرافتينغ»، كان اسم علي عواضة ثالثهما، لأنه هو من أدخلهما إلى لبنان. لكن إدخالهما إلى العاصي لم يكن سهلاً. هذا ما يقوله عواضة متذكراً محاولته إيصال منتخب أولمبي إلى العاصي عام 1993 «فأخافني كثيرون من المنطقة، ولعبنا يومها في نهر الكلب، الأوّلي والليطاني».
لكن العاصي بقي حلماً لعواضة، الذي ينظم اليوم لعبة الكاياك عند جسر الخردلي في الجنوب، فكرّر محاولات الوصول إليه لينجح بعد 3 سنوات تقريباً. وقد لقي ترحيباً من أبناء المنطقة، الذين تربطهم علاقة جيدة بالنهر، لذلك قرّر تدريبهم على لعبتي الكاياك والرافتينغ ونجح في تدريب 200 شخص شارك بعضهم في بطولة العالم.