معروب ــ آمال خليليمكن أهالي معروب (قضاء صور) ضبط ألسنتهم والامتناع عن التحدث عن إعلان إفلاس ابن بلدتهم المتموّل صلاح عز الدين، لكنهم لا يستطيعون ضبط الغضب الساطع في عيونهم التي تقدح شرراً وتحسراً وشكوى، لدرجة أن إفلاس رجل الأعمال «سبّب لدى البعض انهيارات عصبية نُقلوا إثرها إلى المستشفيات» كما روى أحد المواطنين. إذ لا يمكن أن يمرّ الخبر مروراً عادياً في البلدة التي استثمر معظم أبنائها أموالهم في مشاريعه. لكنهم، في الوقت ذاته، يترفعون عن الحديث عن ابن بلدتهم لما عهدوه منه من «خلق وخير وإيمان» من جهة، ولأن المشهد لم يكتمل بالنسبة إليهم من جهة أخرى.
الأقوال كثيرة هنا عن قيمة المبالغ وسبب الإفلاس، وعن مصير الآلاف الذين ربطوا أحلامهم وطموحاتهم وأموالهم به. البعض يتهمه بالاحتيال الذي أدى إلى ضياع مبلغ 600 مليون دولار، فيما يُرجع آخرون سبب إفلاسه إلى أسباب تقنية مرتبطة بالأزمة العالمية المالية. هؤلاء يعلّلون أنفسهم بأمل أن «صاحب الأيادي البيضاء لا بد لشركات النفط ومصانع الحديد وتجارة الأحجار الكريمة والمناجم والخرضوات والشحن وإعادة استخدام قطع السفن الغارقة التي ينفّذها بين دول أفريقيا ولبنان من أن تتأثر بالأزمة».
لكن مهما كان السبب، فالأمر «لم يكن مجرد تعثّر مالي، بل كارثة إنسانية أصابتنا» يقول أحد المستثمرين، الذي رفض الكشف عن اسمه. فالرجل كان قد باع منزله منذ خمس سنوات واستأجر آخر وأودع ثمنه مكتب عز الدين لاستثماره في التجارة. وبموجب العقد، كان يحصل على أرباح بلغت أحياناً 50 في المئة من قيمة المبلغ المودع. جاره استثمر جنى غربة ابنه طوال 15 سنة في أفريقيا، في مشاريع عز الدين.
ويوضح آخر أن مشاريع استثمار عز الدين بدأت منذ 12 عاماً و«ازداد زبائنه تدريجاً، ومن بينهم نواب وشخصيات معروفة». وما عزز من ثقة الناس بعز الدين اعتقادهم بقربه من حزب الله، ما جعل ثقة الناس تزداد به.
وفيما أُوقف الرجل للتحقيق معه وتحديد سبب إفلاسه، كما ورد أمس في الزميلة «السفير»، تفاوتت ردة فعل المتضررين في معروب وجاراتها، وخصوصاً شحور وصريفا ودير قانون النهر والعباسية. البعض اشتكى إلى مسؤولي حزب الله، والبعض اعتصم بالبلدية، فيما مرّ في ذهن آخرين أن يقتحموا قصره في معروب ويضعوا أيديهم عليه حتى استرجاع حقهم. وتحدث البعض عن أن نائب رئيس البلدية الذي كان يتولى الوساطة بين الناس وعز الدين فضّل الابتعاد عن البلدة مؤقتاً وأقفل هاتفه المحمول للهرب من تساؤلات الناس. من جهته، حاول رئيس البلدية حسين فنيش أن يهدئ من غضب الناس «لحين معرفة الحقيقة وصدور نتائج التحقيقات القضائية وجلاء الغموض الذي يكتنف القضية حتى الآن»، مؤكداً لـ«لأخبار» أن الكارثة «كان من الممكن أن تُحدث ثورة لو سبّبها رجل آخر غير صلاح عز الدين المؤمن والخيّر والنبيل».


كارثة فعلية

الحاج صلاح عز الدين (معروب ـــــ قضاء صور) هو أحد كبار المتموّلين ورجال الأعمال أصحاب الصيت الطيّب أخلاقياً على الخصوص. وتقدر الخسارة الإجمالية للمواطنين المستثمرين في مشاريعه، وأغلبها في الحديد والمناجم، بمئات ملايين الدولارات، وهناك من يتوقع أن يكون الرقم قد بلغ ملياراً و195مليون دولار، حسب ما جاء في الزميلة «السفير»، الأمر الذي دفع أحد المطّلعين على هذا الملف إلى القول إن ما حصل هو بمثابة كارثة فعلية من شأن هزاتها الارتدادية أن تصيب شريحة واسعة من الناس.
وعز الدين هو مدير «دار الهادي للنشر» ومستثمر في تلفزيون «الهادي» للأطفال والمشرف على «حملة باب السلام» للحج، كذلك كانت له مشاريع في مجال النفط.