بنت جبيل ــ داني الأمينتمثّل الحاجة الماسّة إلى المياه الشغل الشاغل في قرى بنت جبيل وبلداتها، وإن كانت حدّتها مختلفة بين بلدة وأخرى. بلدة يارون من البلدات التي انقطعت عنها المياه هذا الصيف انقطاعاً نهائياً، وقد اضطرّ جميع أبنائها إلى شراء المياه من بنت جبيل. يعيد علي غنّام (يارون) المشكلة إلى “تراجع خدمات الدولة ومصلحة المياه، إضافةً إلى الهدر وسوء التوزيع على القرى والبلدات، عدا المحسوبيات التي تسهم في قطع المياه عن بعض القرى لإفادة بعض المناطق والمنتفعين”. فيما يحيل أبو محمد شاهين المشكلة على “أن الموظفين يقطعون المياه عن البلدة لمصلحة بلدات أخرى تحظى بالدعم والاهتمام، فهم يعرفون أن لا مجلس بلدياً في يارون، وأن لا واسطة لدى أبنائها. كما أنهم لا يكترثون للأشجار والخضر التي يبست من الصوم، فأراضي يارون تصوم عن المياه في فصل الصيف”.
الشكوى نفسها نسمعها في عيترون، التي تعجّ بأبنائها صيفاً وتعتمد على الزراعة. علماً أن البئر الارتوازية الوحيدة في البلدة توفّر جزءاً لا بأس به من حاجة الأهالي، ولكن لقاء بدل مالي يصل إلى 20 ألف ليرة. فيما يصل سعر نقلة المياه الكبيرة إلى البلدة من خارجها إلى 100 دولار، أما النقلة الصغيرة، فيزيد سعرها عن 40 ألف ليرة.
الوضع نفسه في برعشيت، حيث أثّر انقطاع المياه في الزراعة، التي يعتاش منها أغلب المقيمين، وخصوصاً زراعة الشمّام، الذي يحتاج إلى الريّ. يقول المزارع محمد حيدر “لم نعد قادرين على ريّ أراضينا المزروعة، فالمياه التي تصل إلينا قليلة جداً، وشراؤها مكلف جداً”.
يوضح مصدر في مصلحة مياه الليطاني أن “المشكلة الأساس تكمن في عدم ضخّ ما يكفي من المياه إلى منطقة بنت جبيل، التي يغذَّى جزء منها من مضخّات وادي جيلو، والجزء الآخر من مضخّات بلدة كفرا. وتحتاج 13 بلدة تتغذى من منطقة وادي جيلو إلى نحو 10 آلاف متر مكعب يومياً، فيما المقرّر لها 6000 متر مكعب، يصلها منها نحو 3500 متر مكعب”.
ويؤكد المصدر أن “الحصّة المقرّرة للمنطقة من تغذية المياه محدّدة منذ عام 1995 رغم أن الحاجة زادت اليوم إلى ضعف ما كانت عليه”.
ويقول موظّف في مصلحة مياه الجنوب إن “مشكلة الكهرباء ليست سبباً حقيقياً لقطع المياه عن القرى والبلدات، ففي فصل الشتاء تصل المياه دائماً إليها رغم أن الكهرباء شتاءً تنقطع باستمرار، وهذا يعني أن انقطاع المياه سببه عدم ضخّ ما هو لازم بسبب خدمة أصحاب البساتين، وبعض النافذين الذين يعملون على نقل المياه إلى بلداتهم ومناطقهم”. فإحدى بلدات بنت جبيل تُغذّى بأكثر من حاجتها، وأحياناً يمتلئ خزان المياه الرئيسي ويفيض أرضاً ولا يسمح بتعديل توزيع المياه لنقلها إلى بلدات أكثر حاجة كشقرا وبرعشيت وصفد البطيخ، وأحياناً يتدخل المسؤولين مباشرةً لتغطية بعض المنتفعين”. ويرى مواطن من بلدة شقرا أن “بعض الموظّفين المكلّفين مراقبة عيارات المياه هم الذين يفتحون هذه العيارات ويغلقونها حسب مصالحهم الشخصية".


من يسرق لا يحاسب

لا يتردّد أهالي القرى المحرومة من المياه في اتهام الموظفين بسرقة المياه وتحويلها إلى مناطق أصحاب النفوذ. هذا ما يؤكده مصدر في مصلحة مياه الليطاني حين يقول: “من يسرق المياه لا يحاسَب، بل هو المحاسِب أحياناً لو جرت مساءلته”.
على الرغم من ذلك يعلن الأهالي أنهم مشتركون بأغلبهم في خدمة المياه العامة ويدفعون اشتراكاتهم سنوياً (225 ألف ليرة)، ويؤكد مصدر في مصلحة مياه بنت جبيل وجود نحو 1750 مشتركاً في بنت جبيل وحدها، و900 في بلدة شقرا، وألف مشترك في جويا و400 مشترك في برعشيت”، لكن المياه لا تصل إلى هذه البلدات إلّا نادراً.