ليال حدادكل شيء يغري. اللون الأحمر، المنجل والمطرقة، نشيد الأمميّة، وعبارة «ماركس كان على حقّ». ولكنني لست شيوعية بعد.
أخاف الانتماء السياسي كخوفي من تغيير لون شعري أكثر من مرتَين في العام. أشعر بقيود لا مرئية تخنقني وتشدّ وثاقها على عنقي. لست شيوعية بعد. أقف أمام مكتبتي حائرة، أختار كتاباً لتروتسكي، فيلازمني أكثر من شهر ثمّ أستبدله دون تردّد بسيرة شفيق الحوت. لست شيوعية بعد. على لوحي الخاص في العمل علّقت منجلاً ومطرقة صغيرَين، وبعد أقلّ من 10 دقائق نزعتهما. انتابني شعور رهيب بالغربة عن قبيلتي. لست شيوعية بعد. أناقشه، كمن يناقش عدوّه. أدافع عن الحزب وخياراته السياسية وبقائه خارج الاصطفافات، بينما أتّهمه هو بالتخلّف والرجعية والتحجّر. ثمّ أنزوي، مستغربةً قوّتي المفاجئة. لست شيوعية بعد.
تقلقني المصطلحات الكبيرة والمعقّدة. كلمة جدلية تصيبني بصداع، وترداد صديقتي لأسماء المفكّرين الشيوعيين يضحكني. لست شيوعية بعد. أنا امرأة. هكذا أقول حين يطلب منّي أحدهم التعريف عن نفسي. ودون تفكير أربط بين نسويتي وفكر شيوعي ما، يتنقّل داخل خلايا رأسي وجسدي. ولكن لست شيوعية بعد. يبتسم الوقح حين يرى على جواز سفري أنني من مواليد بيت مري، «مسيحية يعني، أهلاً وسهلاً». قالها المعتوه (وهو من رجال الأمن العام في المطار)، فكدت أخلع حذائي وأرميه به. لا، لست شيوعية بعد. في عيد الحزب الشيوعي، 85 وردة حمراء، من امرأة لا تزال تبحث عن قليل من الاستقرار السياسي والفكري، ولكنها... ليست شيوعية بعد. ولكن من يدري؟