طرابلس ــ عبد الكافي الصمد استُهدف جبل محسن ليل أمس بأربع قذائف أنيرغا طالت أماكن متفرّقة من الجبل، ممّا سبّب ردود فعل ساخطة من قبل الأهالي. وإذا كان احتواء غضبهم قد نجح في المرة الأولى، فإن ذلك بدا صعباً أمس. فقد شهدت منطقة جبل محسن الطرابلسية غلياناً وتوتراً شديدين، إذ اندفع مئات الشبان إلى الشوارع وأغلقوا الطرقات بالإطارات المشتعلة والحجارة وسط انتشار مسلّح كثيف.
دفعت هذه الأجواء مسؤول العلاقات السياسية في الحزب العربي الديموقراطي رفعت علي عيد إلى النزول إلى الشارع برفقة فعاليات المنطقة لتهدئة الغضب وسحب فتيل التوتر. لكن جهود عيد لم تنجح حتى ساعة متأخرة من الليل.
وقد سقطت القذيفة الأولى في ملعب نادي حركة الشباب بالقرب من مقهى الأشقر الشعبي. وانفجرت القذيفة الثانية في حي السيدة، والثالثة في شارع الإمام علي، والرابعة فوق سوق القمح.
وكان قد دوّى انفجار مساء أول من أمس، أدّى إلى وقوع 10 جرحى في مقهى الأشقر، بينما كان عشرات المواطنين يتناولون القهوة والعصير، ويدخّنون النارجيلة، ويلعبون البلياردو.
«كان المكان يعجّ بالزبائن قبل سقوط القذيفة»، قال عامل في المقهى الذي عُلّقت على أحد جوانبه صور الرئيس السوري بشار الأسد، والنائب سليمان فرنجية، ومسؤول العلاقات السياسية في الحزب العربي الديموقراطي رفعت عيد. وأضاف، وهو يشعل الفحم

نفى عيد أي علاقة لأهالي باب التبانة بالأمر لا من قريب ولا من بعيد
قبل إعداد نارجيلة لأحد الزبائن القليلين الذين يأتون إليه قبل الظهر: «لقد نجونا بمعجزة من وقوع مجزرة في المقهى».
القذيفة التي لحقتها أخرى مشابهة لها بعد نحو ساعة، انفجرت فوق ساحة السيدة قرب طلعة العمري، وقنبلة يدوية انفجرت قرب الجامع المنصوري في منطقة باب التبانة، طرحت تساؤلات عن الأطراف الذين يقفون وراءها؟ ومن أين يطلقونها؟ ولأية أهداف؟ وهي أسئلة بقيت بلا أجوبة رغم أن مصدراً أمنياً أكد لـ«الأخبار» توقيف 3 أشخاص على ذمة التحقيق بعد الاشتباه بضلوعهم في الأمر.
لكن التطور البارز في الأمر، أن رفعت عيد اتّهم علناً «جهازاً أمنياً بالوقوف وراء الموضوع»، متسائلاً: «هل من المعقول أن الدولة لم تعرف حتى الآن مَن يطلق هذه القنابل؟».
وأشار عيد لـ«الأخبار» إلى أن هذه الحوادث التي «تتكرّر دائماً من غير أن يوضع حدّ لها، أو يُقبض على من يرتكبونها، تهدف إلى عرقلة المصالحة العربية ـــــ العربية»، مؤكداً أن حزبه «يبتعد عن الفتنة قدر الإمكان، ولن يعكّر صفو التوافق العربي ـــــ العربي، لكن يد واحدة لا تصفّق، ويجب على الأمنيين أن يوقفوا الفاعلين». ولم يتوقف عيد عند هذا الحد، بل اتهم «أطرافاً عرباً متضرّرين من التقارب السوري ـــــ السعودي»، محمّلاً إياهم «عبر أدواتهم المحلية مسؤولية الاعتداءات الأخيرة»، نافياً في المقابل «أيّ علاقة لأهالي باب التبانة بالأمر، لا من قريب ولا من بعيد»، ومشيراً إلى أن «من يروّجون لذلك يهدفون إلى الضرب على وتر الخلافات السابقة بين المنطقتين، لاستغلالها لغايات مشبوهة ولتوريط المنطقتين في النزاع مجدداً».