أول من أمس، نظّمت مؤسسة الفكر العربي مؤتمراً تحضيرياً لمقهى الشباب، استعداداً لمؤتمر «فكر 8»، في فندق فينيسيا، بحضور طلاب عرب

محمد محسن
بعد أسبوعين من حادث سير تعرّض له، استفاق مهنّد أبو ديّة من غيبوبته، لكنه ظل محاطاً بالظلمة، فقد فقد البصر. قبل الحادث الذي حصل منذ عام ونصف، كان مهنّد يحقّق حلم طفل اجتاحته نشوة نجاح الفقراء. في طفولته حيث عاش في حيٍّ فقير من إحياء مدينة جدّة السعودية، قال مهنّد: «سأخترع مليون اختراع». بدأ مهنّد مسيرته، وحصد نجاحات باهرة، لتلميذ عمره 12 عاماً: الأول في السعودية في مسابقة الفيزياء، أعلى علامة ينالها عربي في أولمبياد علمي عالمي، وضع مخططات صناعة غواصة متطورة سمّاها العروبة. بعد الحادث، «قبلت التحدّي»، قال مهنّد، بصوت واثق جداً، أكثر من عشر مرّات، أول من أمس، أثناء إدلائه بشهادته خلال اللقاء التحضيري لـ«مقهى الشباب» في فندق فينسيا، في إطار الإعداد لمؤتمر «فكر 8» الذي تنظّمه مؤسسة الفكر العربي، أمام أكثر من ستين شاباً حضروا من الدول العربية، للمشاركة في جلسات عنوانها «الشباب ودورهم كمحفّز للاقتصاد العربي». خلال تلك الجلسات، أعلن مهنّد عن حلمه الجديد: بدل مليون اختراع، مليون مخترع. وها هو الشاب الكفيف يحقق حلمه، الذي سيمتد أربعين عاماً، كي يبلغ المليون تلميذ، ممن سيتلقون مهارات الاختراع على يد مهنّد وكتبه. قصة مهنّد، وإن لم تأخذ أكثر من ثلث ساعة من تسع ساعات هي مدّة المؤتمر، كانت الأجمل على الإطلاق.
لم يقدم المشاركون إجابات تبشّر باقتصاد متين
حضر الشباب عند التاسعة صباحاً. منهم من ارتدى لباساً على الموضة، ومنهم من استعرض زيّ بلاده التراثي. اجتمع كل خمسة شباب من أقطار مختلفة على كل طاولة. بعد كلمة مقتضبة للدكتور شفيق الغبرا، سرد خلالها مراحل تاريخية قريبة مر بها جيله، تمنّى أن يطوّر الجيل الحالي مفاهيم التنمية والحوار. بعد ذلك، منح المنظمون 20 دقيقة للشباب للنقاش والإجابة عن سؤال محدّد: كيف يمكن أن يكون مستقبل الاقتصاد العربي، إذا بادر الشباب إلى صناعته؟ الوقت حتماً لا يكفي. جاءت إجابات الشبّان غير مبشّرة باقتصاد متين. تخال أنّك في قمّة عربية على مستوى وزراء الاقتصاد. تكرار لأدبيات الأنظمة «توحيد الرؤى العربية العامة؛ اتفاقيات حرة بين العرب». لم يتحدّث الشباب عن نفط بلادهم، ولا عن الأزمات الاقتصادية الأخيرة. لم يتحدّث أحد منهم في مداخلته عن المذهب الاقتصادي الذي يريد للاقتصاد العربي أن يعتنقه، فيما لو بادر كشاب إلى صناعته. خلال فترة الغداء، كانت الحوارات أكثر جدوى. يشرح اليمنيون أسباب مشكلة معارك صعدة الأخيرة، فيما يؤكد العراقيون لزملائهم أن وضع بلادهم لم يستقر بعد... في المرحلة الأخيرة، حضر رئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل وألقى كلمةً مقتصبة. بعد ذلك، أُعلن عن توقيع المؤسسة ثلاث اتفاقيات جديدة، وعن تعيين شباب في مجلس إدارتها. وفي آخر الجلسات، عاد الحاضرون للنقاش على طاولاتهم، بحضور الأمير بندر بن خالد. وفي حديث لـ«الأخبار» قالت مديرة برنامج الشباب في لبنان مايا بطرس إن معايير اختيار الشبان كانت كتاباتهم عن موضوعين: التربية وتحسين التعليم، والتكامل الاقتصادي العربي.