بشري ــ فريد بو فرنسيسيستغل أهالي جبّة بشري هذه الأيام فسحة الجوّ المعتدل ليستعدوا لمواجهة شتاء تتوقّعه زلفا صوما، إحدى القاطنات هنا «ظالماً هذه السنة»، مردفةً ببعض أمل أن يكذب توقّعها «هيك عم بيقولوا».
تنهمك المرأة السبعينية بإعداد الموقدة وتنظيفها من سخام الشتاء الفائت «كنت مشغولة بأمور أخرى فأهملت تنظيف الموقدة، لكن الاحتياط واجب» كما تقول.
وبما أن الطلب كبير هذه الأيام على وسائل التدفئة، فقد سجل سعر طن الحطب في بشري ارتفاعاً ملحوظاً هذه العام، إذ وصل إلى حدود المئتي دولار. ولذلك يتوقع سكان قضاء بشري أن لا يكون الشتاء هذا الموسم قاسياً فقط ببرده، بل بالوضع الاقتصادي الذي سيفرضه عليهم.
«الاستعداد لاستقبال الشتوية يبدأ عندنا منذ منتصف أيلول، وأهالي القرى يعملون لإعداد مؤونة الشتاء وحاجاته، وأهمها جمع الحطب لمواجهة الفصل القارس»، يقول ميشال فياض، وهو يجهّز الحطب لقطعه بفأس كبيرة. ويشير فياض إلى أنه «يجمع الحطب لأنه البديل الوحيد عن المازوت، وفي الجبّة،(قريته) نعتمد على ما يبس من أشجار مثمرة، إضافةً إلى بعض أشجار الصنوبر التي تقتلعها العواصف، أو تكون قد يبست جرّاء مرض أو حريق». ويلتقي أصحاب البيوت الجردية على ضرورة استعمال الحطب في مواقدهم ومدافئهم وأفرانهم، لأنه بحسب رأيهم «رائحته زكية وصحي أكثر»، إلا أنّ المشكلة التي تواجه السكان هي أن مصادر الحطب قليلة، ومن لا يوفّق بواحد من هذه المصادر يشتري الحطب من باعة باتوا معروفين في المنطقة، أو يوفّره من الزيتون اليابس الآتي من الكورة.
الناس انتظروا دعم مادة المازوت لكنّ البرد كان أسرع
ومن جرد الشمال إلى البقاع، المعروف ببرده القارس وشتائه الصعب، تشهد بورصة أسعار المازوت ارتفاعاً مستمراً على وقع ارتفاع الطلب على مدى الأسابيع الماضية، وغياب دعم الدولة للمادة حتى هذا الوقت من السنة، فضلاً عن ارتفاع أسعار الحطب، ما جعل العائلات المحدودة الدخل تعتمد على بعض الأنواع من الخشب المستخدَم في أعمال البناء، الذي يطلق عليه محلياً تسمية «البلاول»، إضافةً إلى «الطبليّات» المستخدمة لحماية أنواع من بلاط السيراميك، وهي جميعها أنواع من الخشب السريع الاشتعال، يباع خلال هذه الفترة في منطقة البقاع.
محمد صليبي، صاحب منشار لتقطيع الحطب، أكد أن عدداً كبيراً من العائلات البقاعية أخذت تعتمد خلال هذه الفترة على أنواع من خشب «البلاول» و«الطبليّات»، حيث أصبحت هذه النوعية من الأخشاب مطلوبة «بطريقة ملحوظة ولافتة»، ويعزو السبب إلى «الوضع المعيشي المتردي، وإلى ارتفاع أسعار المازوت وعدم وصول كميات كافية من حطب الغابات إلى البقاع كما في السابق».
ولفت إلى «أن هذه النوعية من الخشب تباع في البقاع بحسب حمولة الشاحنة لا الوزن، إذ يراوح سعر الحمولة الصغيرة بين 100 ألف و150 ألفاً بينما الحمولة الكبيرة تصل إلى حدود الـ200 ألف ليرة».
ويشير صليبي إلى أنّ ثمة ضغط عمل خلال هذه الفترة على تقطيع الخشب على أنواعه، وتمتد المواعيد لديه حتى نهاية العام الحالي «لأن الناس كانوا بانتظار دعم مادة المازوت، لكنّ البرد كان أسرع».
علي شداد، أثناء تقطيعه لخشب «البلاول» أكد لـ«الأخبار» أنه اشترى 2 طن من حطب السنديان، لكن هذه الكمية ليست كافية لقضاء فصل الشتاء، فكان لا بد له من شراء «نقلة» من خشب البناء والطبليّات من أحد تجارها من بلدة الدلهمية بسعر 200 ألف ليرة، لتوفير مؤونة «وجاقه».
أحد تجار الحطب في البقاع (رفض ذكر اسمه) أكد أن ضعف القدرة الشرائية لدى عدد كبير من العائلات، دفع بعض الناس إلى اقتلاع دوالي كرومهم، وبعض أشجار بساتينهم، وتقطيعها وتوضيبها للتدفئة المنزلية كما حصل أخيراً في بلدة كفردبش مثلا، فيما يعتمد البعض الآخر على أغصان الأشجار التي جرى تشحيلها أخيراً، وعلى أنواع من الخشب لم تكن تُستعمَل سابقاً للتدفئة.