كامل جابربعد زيتون حاصبيا المعمّر، تقع «زيتونات» الماري في حاصبيا ضحية تجارة رابحة تدأب عليها مؤسسات خاصة، تشتري بأسعار بخسة وتبيع بأرباح مضاعفة، فيما لا ينص قانون وزارة الزراعة على حماية هذه الأشجار «المثمرة». هكذا، تقتلع الجرافات «الزيتونات» التي تباع بأسعار تتنافى وقيمتها البيئية والطبيعية والتراثية؛ فيما تقف البلدية ووزارة الزراعة موقف المتفرج بحجة «أنّ القانون لا يحمي هذه الأشجار».
الهدف المعلن هو أنّ الأشجار شاخت ولم تعد تعطي الثمر نفسه الذي يمكن أن تعطيه الزيتونة الفتية؛ لكن يبدو أن تجارة رائجة باتت تغري ورثة هذه الثروة التي تتراوح أعمارها ما بين 150 سنة وما يفوق الألف سنة. ويؤكد الأهالي أن هذه «الزيتونات» تعود إلى الحقبة الرومانية وتعرف بالزيتونات الرومانية.
ربما يغري السعر المطروح للشجرة الواحدة بين 700 دولار أميركي وألف دولار، بحسب مميزات جذعها، صاحب هذه الزيتونات، مع يقينه أن كل زيتونة تباع بعد نقلها إلى خارج المنطقة بين 3 آلاف دولار و6 آلاف. وبينما رفض غازي قيس، رئيس بلدية الماري، التعليق على الموضوع، يوضح مختار البلدة، سليمان أبو كمر، أن عمر «زيتونات» الماري المقتلعة «يتجاوز 150 سنة، أما الزيتون الذي يقتلع من حقول عادل العنز، في محلة بستان مسك، فيعرف بالزيتون الروماني». ويلفت إلى «أننا حاولنا تنبيه العنز إلى مخاطر هذا العمل، لكنه قال إنّه يريد أن يعيل أسرته كما أوضح لنا أن الزيتونات لم تعد تحمل، وهو سيزرع مكانها زيتوناً جديداً يمكن أن يحمل أضعافاً مضاعفة خلال أعوام قليلة».
ويؤكد المختار أن زيتون الماري يقتلع عادة بسبب التجديد الزراعي أو البناء، وأحياناً لاستخدامه في الحطب، مستبعداً أن يحمي القانون الزيتون.

مصلحة الزراعة في النبطية سترسل دورياتها لتتأكد مما يجري
كلام لم ينفه المهندس هادي مكي، رئيس مصلحة الزراعة في محافظة النبطية، بل يؤكد «أن المادة 85 من قانون الغابات لا تنص على حماية أشجار الزيتون، لأنه يصنف من ضمن الأشجار المثمرة غير الحرجية». لكن مكي يعد بأن «المصلحة سترسل دورياتها إلى المنطقة لتتأكد مما يجري، وقد ترفع كتاباً إلى وزير الزراعة تطلب فيه التدخل لحماية هذه الأشجار».
ظاهرة اقتلاع الزيتون المعمر في حاصبيا، ليست جديدة، لكنها تزايدت في الآونة الأخيرة، وصارت الشاحنات المحملة بالأشجار المقتلعة تجوب المنطقة في وضح النهار، ثم تنقل «غنائمها» نحو بيروت. كما يجول مندوبون من شركات خاصة على المنطقة لرصد أماكن أشجار الزيتون وإغواء أصحابها بمبالغ متفاوتة. وقد سجل مكتب وزارة الزراعة في مدينة حاصبيا اقتلاع وبيع ما يفوق ألف شجرة زيتون من حاصبيا وجوارها خلال السنوات الأخيرة.