رامي زريقأطلق الفرنسيون اسم «الماكي» (maquis) على حركة المقاومة المسلحة التي واجهت النازيين وحكومة فيشي وانتصرت عليهما خلال الحرب العالمية الثانية. و«الماكي» منظومة بيئية خاصة بالمنطقة المتوسطية تتألف من أحراج كثيفة يصعب الولوج إليها، والتحرك فيها إلا لمن يعرفها جيداً، نسميها أحياناً في بلادنا «الوعر». وقد عرف المقاومون الفرنسيون باسم «الماكيزار»، أي «أهل الوعر»، وهم الذين بنوا في هذه الغابات مراكزهم العسكرية ومخابئهم السرية. ولم تكن المقاومة الفرنسية أول حركة تحرّر تأخذ من البيئة الطبيعية المحيطة بها غطاءً لجهودها، فقد أدّت الغابات والأحراج والبساتين، تاريخياً، دوراً أساسياً في حماية المقاومين. تعي «إسرائيل» تماماً أهمية البيئة الحرجية في العمليات العسكرية التي تستهدفها، وهذا ما يفسّر، ولو جزئياً، إصرارها على تغيير معالم فلسطين، وخاصةً في مناطق المواجهة العسكرية كالضفة الغربية وغزة، منذ أن سطت عليها. واقتلع المستعمرون ملايين الأشجار من أرض فلسطين، منها أشجار الزيتون في الضفة وبيارات البرتقال في غزة، حيث فرضت القوات الصهيونية على المزارعين التحول من زراعة الحمضيات التقليدية إلى زراعة الفراولة، لتكون بذلك قد اقتلعت جذور المزارعين الدائمة، واستبدلتها بنباتات قصيرة الحياة، ومنعتهم من التسلل عبر البيارات لضرب العدو. لقد استعانت المقاومة اللبنانية بـ «الماكي» اللبناني في عملها على تحرير الأرض وصد العدوان الصهيوني. لا بد أنها تدرك أهمية الغابات والأحراج كجزء أساسي من الاستراتيجية الدفاعية، لذا، هي اليوم مدعوّة إلى تنشيط عمليات غرس الأشجار وتفعيلها وحماية المناطق الحرجية في كل الوطن، وخاصةً في مناطق المواجهة في الجنوب والبقاع الغربي، لتجعل من كل شجرة سلاحاً موجهاً نحو صدر المعتدي