قاسم س. قاسمبما أن الفلسطيني لاجئ هُجّر إلى لبنان قسراً بعد نكبة عام 48، وبما أنه لا يملك دولة لها حدود معترف بها دولياً، لا يمكن الدولة اللبنانية أن تعدّه أجنبياً مقيماً على أرضها بملء إرادته، أو أن تطبّق عليه مبدأ المعاملة بالمثل المتداول بين الدول لأنه لا يملك دولة أصلاً. رغم كل هذه الأسباب، تصر الدولة اللبنانية من خلال تشريعاتها على معاملة الفلسطيني كأجنبي يجب عليه إصدار إجازة عمل إذا أراد مزاولة أي مهنة بحسب القرار 79 الصادر عام 1967، وقد أسهم في ذلك عدم وجود صفة قانونية واضحة للفلسطينيين، إن كانوا لاجئين أو أجانب. هكذا، سنّ المشترع اللبناني القوانين التي منعت الفلسطينيين من مزاولة مهن عدة،

يقترح أحد مشاريع القوانين أن يستصدر الفلسطيني إجازة عمل من دون كفيل

لكن في عام 2005، أصدر وزير العمل حينها طراد حمادة قراراً حمل الرقم 79/1، استثنى في مادته الثانية الفلسطينيين المولودين في لبنان والمسجلين رسمياً في سجلات وزارة الداخلية من تطبيق الشروط المتعلقة بالأجانب. لكن، رغم الاستثناء الذي أصدره حمادة، والذي سار على نهجه الوزيران محمد فنيش وبطرس حرب، إلا أن ذلك «ليس كافياً، وخصوصاً أن هذه القرارات هي مراسيم، وليست قوانين»، بحسب عضو المجلس الوطني الفلسطيني سميرة صلاح. هكذا، تنتظر الجمعيات الأهلية الفلسطينية واللبنانية انتهاء الانتخابات البلدية لتبدأ العمل مجدداً على تسريع إقرار الحقوق الاجتماعية للفلسطينيين بحسب ما جاء في الفقرات الرقم 12،11،10 من البيان الوزاري لحكومة سعد الحريري. لكن ما الجديد الذي تحمله هذه الجمعيات واللجان لوزير العمل والمجلس النيابي؟ أخيراً، عقد مندوبون عن لجنة عمل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان اجتماعاً مع الرئيسة الجديدة للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني المحامية مايا مجذوب للاطلاع منها على الخطوات والمشاريع

ينصّ قانون مقترح على إلغاء إصدار إجازة العمل وإلغاء مبدأ المعاملة بالمثل
التي تنوي تقديمها في ما يتعلق بالحقوق الاجتماعية للاجئين الفلسطينيين. لكن قبل «شهرين لن تتمكن مجذوب من تقديم أي شيء، لأنها تريد قراءة الملفات التي بين يديها لتقدم بعدها صيغة مشروع لرئاسة مجلس الوزراء»، بحسب ما تقول صلاح. تضيف: «خبرة مجذوب بوصفها محامية تساعدنا كثيراً، لأنها مطلعة على الموضوع ومستوعبة كل الوضع القانوني للاجئين الفلسطينيين». تقول صلاح إنه «رغم توقيع لبنان على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ونظراً لأن الفلسطيني أصبح جزءاً أساسياً من التركيبة اللبنانية، لكن تبقى حظوظ إقرار الحقوق الاجتماعية للفلسطينيين غير مضمونة». هكذا، أُعدّت مشاريع قوانين عدة لتقدم إلى الكتل النيابية بعد الانتخابات البلدية. إذ يُعدّ الحزب التقدمي الاشتراكي لتقديم مشروع قانون، إضافة إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، وتيار المستقبل. كذلك جهزت الفصائل الفلسطينية مجتمعةً مشروع قانونها الموحد الذي وضعه الأستاذ القانوني صلاح دبّاغ والذي يتضمن إلغاء إصدار إجازة عمل وإلغاء مبدأ المعاملة بالمثل، إضافة إلى معاملة الفلسطينيين على أنهم لاجئون وليسوا أجانب.


مضامين المشاريع
وُضعت صيغ قوانين عدة في ما يتعلق بحق العمل للفلسطينيين، إحداها قدمها مندوبون عن وزراة العمل، وقضت بأن يستصدر الفلسطينيون إجازة عمل من دون الحاجة إلى إيجاد كفيل، على أن تُجدَّد هذه الإجازة كل عام، وذلك «لوضع حدّ لمخاوف بعض اللبنانيين في ما يتعلق بالتوطين ولتأكيد تميّز الفلسطينيين عن اللبنانيين»، كما يقول أحد المطلعين على الموضوع في وزارة العمل. من جهة أخرى، قدّم حقوقيو الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية صيغة قانون تقضي بإلغاء إجازة العمل للفلسطينيين ومعاملتهم كاللبنانيين، مع الأخذ في الاعتبار القوانين المتعلقة بالانتساب إلى نقابات المهن الحرة «غير المستعدة لتغيير قوانين الانتساب لديها»، كما قال المسؤول نفسه.