عمر نشّابة عمر نشابة
«بإمكان العالم كله أن يرى الفرق بين قافلة إنسانية وقافلة الكراهية لمتطرفين عنيفين داعمين للإرهاب». قال أمس رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.
نعم، بإمكان العالم كلّه أن يرى الفرق بين محاولة قبطان وركاب سفينة «مرمرة» مقاومة قرصنة إسرائيلية مسلّحة وبين الاعتصام الذي نفّذه قبطان وركاب سفينة «رايتشل كوري» مقاومين القرصنة المسلّحة نفسها.
بإمكان العالم كلّه أن يرى جنوداً مدججين بالسلاح يصوّبون فوهات بنادقهم إلى المدنيين في القافلتين.
بإمكان العالم كلّه أن يسمع شهادة عضو في الكنيست الإسرائيلي تؤكد خلالها أن الاسرائيليين فتحوا النار على ركاب «مرمرة» قبل اقتحامها. ربما لأنهم كانوا على علم بأن ركابها «متطرفون عنيفون داعمون للإرهاب» بينما «رايتشل كوري» ليست كذلك. لذلك قتل «جيش الدفاع الاسرائيلي» يوم الأحد 16 آذار 2003 «رايتشل كوري» عندما كانت تحاول منع تجريف منازل فلسطينيين قرب الحدود المصرية في حيّ السلام في مدينة رفح.
قتلتها «بحرية الدفاع الاسرائيلية» بالأمس مرّة ثانية وسحلت جثّتها من المياه الدولية الى ميناء أسدود. وكما بالأمس لم تقل «رايتشل كوري» شيئاً. وقفت «سلمياً» ورفعت يديها، دفنتها جرافة عسكرية تحت التراب وهي على قيد الحياة.
لكنها عادت. عادت لتُقتل مرّة ثانية. وبالصمت نفسه.
كذلك بإمكان العالم كلّه أن يقرأ تقرير «بعثة الأمم المتحدة لتقصّي الحقائق بشأن النزاع في غزة» برئاسة ريتشارد غولدستون، (أيلول 2009)، الذي ورد فيه أن «القصف شمل منزلاً أجبرت القوات المسلحة الاسرائيلية مدنيين فلسطينيين على التجمع فيه»، كما ذكر التقرير «إطلاق النار على المدنيين أثناء محاولتهم مغادرة منازلهم في اتجاه مكان أكثر أمناً، وهم يلوّحون برايات بيضاء بل وهم يتبعون، في بعض الحالات، أمراً صادراً من القوات الاسرائيلية بالقيام بذلك».
بإمكان العالم كلّه أن يسمع محاولات تبرير نتنياهو قتل مدنيين يحملون مساعدات إنسانية لشعب محاصر. كما بإمكان العالم كلّه أن يكون في سفينة ويشهد خطفه واقتياده «سلمياً» الى ميناء أسدود للتحقيق.
بإمكان العالم كلّه أن يشهد أن «ريتشل كوري» ستعود، بصمت. ويعود معها علي أكبر ياراضيلميش وعلي حيدر بينجي وإبراهيم بلجين ومحرم كافاك وغيرهم من المناضلين الشهداء.