صيدا ــ خالد الغربيالكتابات الثورية الجديدة، بدت متواضعة اللهجة والطموح، قياسا بتلك الشعارات التي خطت قبل اشهر على الجدران ذاتها، وتضمنت حينها الدعوة الى قيام لا اقل من "ثورة اممية" مبشرة المظلومين بقرب "هبوب العاصفة الثورية الهوجاء"، بدا ان تراجعا قد تم بين صفوف كتّاب الجدران، فلم تعد الثورة الاممية وشيكة الوقوع ولا التصدي للامبريالية هدفا أعلى، هكذا إكتفت الكتابات الجديدة بمخاطبة ابناء صيدا، فباتت شعاراتهم محلية محصورة بمعاناة المدينة.
ورغم التنقل السريع بين ثورة اممية (كما في الكتابات السابقة) وثورة محلية (صيدا الثورة في الكتابات الراهنة)، حافظ كاتبو الشعارات على مساحة مشتركة بين قديمهم وجديدهم. فرسمة "المنجل والقدوم" لم تمّح في شارع البوابة الفوقا، بل استبدل شعار قديم كان بقربها بآخر خط باللون الاحمر ينادي "ياعمال صيدا اتحدوا"، كما شكلت جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية مساحة مشتركة اخرى فكتب عنها "جمول، ستواجه وتنتصر"، وبقيت "فلسطين بجرحها النازف" كتابات صالحة لكل المراحل و"عاشت فلسطين حرة عربية". يستعين اليساري الصيداوي بلال حمزة باغنية الراحل عبد الحليم حافظ حبيبتي من تكون، ليقول معلقا"الرفاق حائرون، يفكرون يتساءلون" على سبب تغير الكتابات الثورية، لكنه يعتبر ان طموحات الرفاق قد تقلصت عما كانت عليه بداية ."غابت الثورة واين التغيير بالأحمر " يسأل حمزة قبل ان يجيب نفسه " يبدو ان موجة الحرارة الشديدة التي ضربت لبنان شلّت العاصفة الثورية الهوجاء التي كانت ستهب علينا" ، لكن حمزة يجد في الكتابة على الجدران وانتقاد النظام والاضاءة على الازمة الاجتماعية والحياتية، ظاهرة صحية داعيا ايضا الى اعادة الاعتبار لأيام "توزيع المنشور" كوسيلة من وسائل التعبئة الجماهيرية أو ما يسميه "الاعلام الجماهيري" الحقيقي كما قال حمزة. يدافع شاب اكتفى بالتعريف عن نفسه بأنه "احد الكتبة على الحيطان" عن "صيداوية" الشعارات، ولايرى فيها تراجعا عن شعارات سابقة. يقول:" صيداوية الثورة في الشعارات المخطوطة على الحيطان لا تنتقص من البعد الوطني والاجتماعي للتغيير والثورة التي نطالب بهما، وتاريخ المدينة يشهد على ذلك ألم يقل سابقا ان الثورة تنطلق من صيدا"