صيدا والنفايات، قصة إبريق الزيت تعود مجدّداً من شرقها، وتحديداً من بلدة عبرا، النفايات هناك تتكدّس في الحاويات بسبب إقفال المكبّ المؤقّت، وبانتظار حل متكامل يسأل الأهالي هل يغصّ مكب صيدا بنفايات عبرا؟
عبرا ــ خالد الغربي
غرقت أحياء منطقة عبرا، في شرق صيدا، وشوارعها، بالنفايات التي تراكمت بعد إقفال المكان (المكبّ) الذي كانت تُنقل إليه عند تخوم البلدة، ومع تراكمها الكثيف انبعثت روائح كريهة منها، وانتشر البرغش والقوارض، مع احتمال انتشار الأوبئة، وهذه الأزمة مرشحة للتفاقم إذا لم يستجب المعنيون سريعاً لنداء استغاثة بلدية عبرا بضرورة فتح مكب النفايات في صيدا «أبوابه» لاستقبال نفايات عبرا أسوة بنفايات بعض القرى.
وأزمة تكدّس النفايات بدأت قبل أيام بعد إقفال الكنيسة الكاثوليكية قطعة أرض تملكها في عبرا كانت تُرمى داخلها النفايات، حيث كانت الكنيسة تتساهل وتغضّ نظرها عن دخول الشاحنات لإفراغ نفاياتها في تلك الأرض، «غض النظر الكنسي» هدف على حد قول أحد كهنة شرق صيدا، الذى تمنّى على «الأخبار» عدم ذكر اسمه، «إلى المساهمة في إيجاد الحلول ولو مؤقّتاً لمشكلة تصريف النفايات، لكن الحلول الجذرية تأخرت وغابت، وبات الخوف أن تتحوّل قطعة الأرض إلى مكبّ ثابت وقائم».
المشهد في عبرا مروّع، فالنفايات استوطنت أمكنة عدة حتى في أماكن غير مخصّصة لرميها في المستوعبات الحديدية، وكميات كبيرة من أكياس النفايات تكدّست بعضها فوق بعض، وقد أمعنت الحرارة في نشر الروائح الكريهة التي فاحت من هذه الأكياس، فيما الجرذان والقطط وجدت ضالّتها فراحت تعبث بها بحثاً «عمّا لذّ وطاب من فضلات منزلية». إحدى سيدات المنطقة إلهام الجردلي قالت متهكّمة «صوّروا هذا المشهد الحضاري الرائع، وهذه البيئة العظيمة»، مضيفةً «كأنه لا تكفينا معاناة انقطاع الكهرباء والمياه، لتضاف إليها أزمة تكدس النفايات وتشويه البيئة وتفشي الأمراض، إننا نتنفس ملء رئاتنا هواءًً ملوّثاً والروائح الكريهة أصابتنا بالدوار، هل هذه هي الحضارة التي يتحدثون عنها، وهل هكذا يُستقبَل شهر رمضان؟». بينما جارتها سلام مكاوي قالت «إنّ النفايات المنتشرة بكثافة أدت إلى انتشار القوارض والبرغش، وها نحن نتنفّس الروائح الكريهة». مكاوي سألت «هل سيغصّ جبل الزبالة (مكب النفايات) في صيدا بـ«شويّة» نفايات من عبرا، وخاصةً أنّ معظم القاطنين في عبرا الجديدة هم صيداويون؟»، قبل أن تجيب «لا أعتقد أنّ جبل الزبالة عينه ضيّقة إلى هذا الحد، وجبل الزبالة الذي شرب من نهر نفايات مناطق كثيرة وبكميات كبيرة لا يمكن أن يغصّ بساقية نفايات عبرا».
بالقرب من مستوعب غرق في النفايات كتب أحدهم على كرتونة «ابتسم أنت لبناني»، ولتطويق الروائح المنبعثة التي أزكمت الأنوف رشّ عمال من بلدية عبرا كميات من مادة الكلس على أكياس النفايات.

أزمة النفايات بدأت بعد إقفال الكنيسة الكاثوليكية المكبّ المؤقّت الذي تملكه
وبلدية عبرا واحدة من ستّ عشرة بلدية يتكوّن منها اتحاد بلديات صيدا ـــــ الزهراني، وهو اتحاد يبدو غير متّحد، ولم يتمكن من انتخاب رئيس له، بعد تعذّر التوافق السياسي بين الرئيس نبيه بري وتيار المستقبل على انتخاب الرئيس الذي يتمسك المستقبل بأن يكون رئيس الاتحاد كما جرت العادة منذ تأسيس الاتحاد قبل أكثر من ثلاثة عقود، هو ذاته رئيس بلدية صيدا، بينما يطالب بري بتنفيذ تعهدات سابقة بنقل الرئاسة إلى رئيس بلدية قرية مسيحية، ما دفع بوزير الداخلية والبلديات زياد بارود إلى تكليف محافظ الجنوب بالوكالة نقولا بو ضاهر الإشراف على عمل اتحاد بلديات صيدا الزهراني إلى حين انتخاب رئيس له.
في المقابل، يسود تكتم حول موعد تشغيل معمل معالجة النفايات المنزلية الصلبة في صيدا، الذي بُدئ العمل ببنائه قبل 15 عاماً، ولم يبصر النور إلى اليوم. وكان رئيس اتحاد بلديات صيدا والزهراني السابق عبد الرحمن البزري، ورئيس مجلس إدارة المعمل أحمد الذوق، قد دشنا المرحلة التشغيلية الأولى الخاصة بفرز النفايات، في أواخر عام 2008، ولقد وُصفت الخطوة في حينها بأنها بداية لمعالجة مشكلة نفايات المدينة، لكن استكمال تنفيذ باقي مراحل المعمل لم يجرِ، وسط معلومات سُرّبت عن مشاكل تقنية في بنائه، ومالية مرتبطة بالعقود الموقعة مع البلدية، تجعل من تشغيله أمراً مستعصياً، رغم أنّ كلفة إنشائه فاقت 60 مليون دولار أمريكي.