مع أنها ليست التجربة الأولى في لبنان، فقد سبقتها المدرسة الأميركية العالمية في البقاع إلى التجربة، إلا أنّ مدرسة «ستارز كولدج» في العباسية في الجنوب، تخوض بدورها تجربة المدرسة الإلكترونية. منذ يومين بدأ العام بقرع الجرس إلكترونياً
صور ــ آمال خليل
يعرّف الملصق الدعائي الخاص بمدرسة «ستارز كولدج» في بلدة العباسية (قضاء صور) بأنها «أكاديمية نوعية تتبنى المنهج التكاملي العصري في فلسفتها التربوية». التعريف يحيّر الناظر إلى الملصق. فما الذي سيكون عليه التعليم في تلك المدرسة يا ترى؟ يأتي الجواب من مدير المدرسة جهاد سعد «تعليم بواسطة التكنولوجيا». كيف؟ يقول سعد إنّ الهدف في «ستارز كولدج» هو «توفير التعليم المكثف بالوسائل التكنولوجية وفي وقت أقصر للاستفادة من المناهج التعليمية، إلى جانب تعزيز الإرشاد الصحي والنفسي والأنشطة اللاصفيّة في الملعب والمسبح والمطعم والمسرح وقاعة الرياضة البدنية».
هكذا، خصّصت الإدارة يوماً إعدادياً للانتماء إلى المدرسة التي تستقبل الطلاب من صفوف الحضانة حتى الثامن أساسي، فقد دُعي الطلاب المسجّلون وأولياء أمورهم إلى كرمس احتفالي تضمّن أنشطة رسم وتمثيل، وانتهى بـ«وجبة غذائية صحية» في مطعم المدرسة.
يندرج هذا الاستعراض التحفيزي، بحسب منسقة قسم الروضات والمرشدة التربوية فاطمة دقماق، تحت عنوان «ترغيب الطلاب في المدرسة وتعديل الانطباع النمطي السيّئ عنها باعتبارها مكاناً غير مرغوب فيه». هنا تبدي نسرين بدوي، والدة الطفلة نور الزهراء قاسم (3 سنوات)، «ارتياحها لاهتمام المدرسة بصحة الأطفال وغذائهم».
عنصران جديدان استحدثتهما العملية التربوية هذا العام هما الحاسوب المحمول واللوح الحركي. أما الحاسوب، فيتحول إلى جزء من حقيبة الطالب، يضاف إلى الكتب والدفاتر، بدءاً من الحلقة الأولى من التعليم الأساسي. واللوح الأخضر استُبدل بشاشة رقمية تعرض الدروس بـ«كبسة زر». لكن لا يقتصر دور المعلّم على «كبس الزر» فقط والتحكّم في ملفات الشاشة، بل يتولى إيصال المعلومة بـ«أسلوب يعزز مهارات الاستماع والبحث لدى الطالب عن مصادر المعرفة عبر شبكة الإنترنت»، يقول المشرف التربوي حسن حريري. فالأجهزة موصولة بشبكة الإنترنت «ما يمرّن الطالب على استخدامها للمعرفة بدلاً من التسلية فحسب»، بحسب حريري. إلى ذلك، يحتفظ المعلم في «ستارز كولدج» بدور إدارة الصف.
مع المشروع الجديد لم يستغن الطلاب عن الكتب والقرطاسية. في اليوم الأول، أمسك هؤلاء أقلامهم لملء ورقة الاختبار الشخصي الخاصة بكل منهم، التي تهدف إلى تقويم قدراتهم الاستيعابية وحاجاتهم التعليمية.
أما جديد هذا النوع من التعليم، فهو اختزال عدد الكتب وأحجامها، علماً بأنها مستقاة من المنهج التربوي الرسمي، مع تكثيف المعلومات وإضافة المصادر إليها. وحدهما الطبشورة والممحاة لم يجدا مكاناً لهما هنا.
«تعدّ ستارز كولدج» المشروع منذ خمس سنوات»، يقول سعد. وقد استفاد شخصياً في إعداد البرامج من مشاركته في وضع المنهج التربوي الجديد عام 1997 مع المركز التربوي للبحوث والإنماء، التابع لوزارة التربية والتعليم. وهنا أوضح سعد أنّ أهداف المناهج الجديدة لم تطبّق في المدارس الرسمية بسبب النقص في تدريب الكادر التعليمي على أساليب التربية الحديثة وضعف الإمكانات والتجهيزات، لذا فقد بادر هو إلى وضع منهجه الخاص «الذي يلحظ الأخطاء التي وقعت بها المسيرة التربوية الخاصة والرسمية في لبنان»، كما يقول.
كذلك ارتكز سعد في خطته على «التجربة الماليزية في التعليم الرقمي المعتمدة منذ أوائل التسعينات، والتي أحدثت نقلة في الاقتصاد والمجتمع».
لكن يبدو أنّ خدمات المدرسة متوافرة للطلاب من أبناء العائلات القادرة على إنفاق آلاف الدولارات على تعليم الفرد الواحد منها سنوياً. حتى إن الإمكانات المتوافرة في الوسائل التعليمية، وجودة الكادر التعليمي، تعتمدان على الأموال التي تنفقها إحدى الشركات الاستثمارية لتمويل المشروع.
المال هو العامل الأساس إذاً لإمكان التسجيل في «ستارز كولدج». لكن، ماذا عن الفقراء غير القادرين على دفع 10 آلاف ليرة لصندوق المدرسة الرسمية؟ وهو ما يجري في بلدة يانوح مثلاً، حيث تتصارع عائلات 44 طالباً هناك لإعادة افتتاح المدرسة الابتدائية الرسمية في البلدة التي قرر وزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة إقفالها تحت عنوان «دمج المدارس». فعوضاً عن أن تقوم الوزارة المعنية بإقفال المدارس الرسمية «بحجة الموازنة وغياب التمويل»، كان من المفيد أن توفّر خدمات شبيهة بخدمات المدارس الخاصة، كي يكون «التعليم للجميع»، وهو الشعار الذي ترفعه الوزارة في كل مناسبة.