في الـ19 من حزيران/ يونيو الجاري، وافق مجلس الوزراء السعودي على تعديل المادة الثانية عشرة من نظام «مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله»، بما يمنح النيابة العامة «حق الإفراج المؤقت عن الموقوفين في جرائم الإرهاب» شرط عدم الإضرار بالتحقيقات أوّلاً، وعدم الهروب أو الاختفاء من البلاد ثانياً. للوهلة الأولى، يوحي هذا التعديل بأن ثمّة بارقة أمل أمام العديد من المعتقلين من أصحاب الرأي والناشطين، الذين جُرّموا بموجب مواد القانون المذكور، لكن تاريخ التعديلات السابقة يثبت أن محاولات تحسين نظام زاخر بالتعريفات الفضفاضة لـ«الأفعال الإرهابية»، والتي يعاقَب على بعضها بالإعدام، إمّا ظلّت حبراً على ورق، وإمّا جاءت بأحكام أسوأ من سابقاتها.في الأوّل من تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، صدرت النسخة المعدّلة من «قانون مكافحة الإرهاب»، الذي كان أُقرّ في كانون الثاني/ يناير 2014، وأثار آنذاك انتقادات واسعة، بوصفه «يحطّم أيّ أمل» في إفساح المجال أمام المعارضة السلمية. وهي انتقادات عادت لتطال، وبصورة أشدّ، النسخة الجديدة، إلى حدّ اعتبار أنها تزيد القانون سوءاً، كما رأى بعض المنظمات الحقوقية. وكنموذج مما تقدّم، يمكن الإشارة إلى أن التعديلات فشلت حتى في إرساء إمكانية تطبيق متساوٍ للقانون؛ إذ إنها منحت النيابة العامة حقّ الاستنساب بالاستناد إلى معايير غير عادلة، كالانتماء الديني أو السياسي. كذلك، لم يقتصر تعريف الإرهاب على أعمال العنف، بل شمل قائمة تهم غامضة، من قبيل «الإخلال بالنظام العام، أو زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة، أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر، أو تعطيل النظام الأساسي للحكم». وهي تهمٌ لا يزال العديد من الناشطين يقبعون خلف قضبان السجون بسببها، بل إن بعضهم قضى نحبه هناك بعدما اعتُقل على خلفيتها، من مثل الناشط عبد الله الحامد، مؤسّس جمعية «حسم»، الذي توفي في نيسان/ أبريل الماضي، إثر تدهور وضعه الصحي ورفض السلطات الإفراج عنه، على رغم مشارفته على إتمام سبعين عاماً آنذاك.
شمل تعريف الإرهاب قائمة تهم غامضة


في ما يتعلق بالتعديل الجديد، ينبّه مصدر حقوقي، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «ما يخرج إلى الإعلام في المملكة لا يُطبّق على أرض الواقع، والتعديل الذي يظهر على أنه جيد ومرحّب به لا أساس له في الأروقة القضائية وداخل تحكيمات النيابة العامة، التي تجهد في الآونة الأخيرة للمطالبة بأحكام الإعدام بحق القاصرين باستمرار». ويستشهد المصدر على كلامه بإعلان «هيئة حقوق الإنسان» (حكومية) في 26 نيسان/ أبريل الماضي إلغاء عقوبة القتل تعزيراً بحق الأشخاص الذين لم يُتمّوا 18 عاماً، واستبدال عقوبة السجن لمدة لا تزيد على 10 سنوات بها، لكن «وبعد مرور أكثر من شهرين على القرار، لا يزال أكثر من 13 معتقلاً دون سن الـ18 يواجهون خطر تنفيذ عقوبة الإعدام في أيّ لحظة، بعدما تمّ تجريمهم بالمشاركة في تظاهرات القطيف شرق السعودية عام 2011». وكان تعليق إعدام القاصرين أُعلن بعد أيام من تنفيذ السلطة حكم القتل بحق الفتى عبد الله الغامدي، الذي اتُهم بـ«القتل العمد» حين كان يبلغ من العمر 15 عاماً.