من الواضح أن السلطات الليبية الانتقالية الحالية قد بدأت بترطيب الأجواء مع الدول الجارة، ولا سيما تونس والجزائر الواقعتين غربي ليبيا، لهذا يتوجه رئيس الوزراء التونسي المؤقت الباجي قائد السبسي اليوم الى بنغازي في زيارة تستغرق 24 ساعة تخصص لتحريك التعاون الثنائي، وأيضاً لبحث المسائل الأمنية قبل 15 يوماً من انتخابات حاسمة في تونس. وفي السياق نفسه يزور وفد ليبي الجزائر في تاريخ سيحدد في وقت لاحق.وقالت المسؤولة عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء التونسي لوكالة فرانس برس «يقوم رئيس الوزراء غداً (اليوم) بزيارة الى ليبيا بنغازي (شرق) بدعوة من السلطات الليبية، وسيرافقه وفد وزاري وأعضاء اتحاد أرباب العمل في تونس. ويتوقع أن يلتقي رئيس المجلس الوطني الانتقالي مصطفى عبد الجليل». وأضافت «إنها أول زيارة لرئيس الوزراء لليبيا وهي لهدفين: السماح لتونس بتهنئة الشعب الليبي (بعد سقوط نظام القذافي) وتحريك التعاون والمبادلات التجارية بناء على طلب الجانب الليبي». وتناول مسألة الأمن «التي تقلق الجميع».
ومطلع أيلول زار رئيس المكتب التنفيذي في المجلس الانتقالي الليبي محمود جبريل تونس خصيصاً لبحث قضايا الأمن. وكانت ليبيا قبل الثورة الشريك التجاري الثاني لتونس بعد فرنسا مع مبادلات تقدر بـ1,25 مليار دولار في نهاية 2009 بحسب البنك الافريقي للتنمية.
في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي، على هامش ندوة حول التغير المناخي في منطقة شمال افريقيا والشرق الأوسط «تحادثت هاتفياً مع محمود جبريل واتفقنا على أن وفداً ليبيّاً سيزورنا» من دون تحديد تاريخ محدد للزيارة ولا الشخصية التي تقود الوفد. واضاف «يجب عدم تسيير القضية الليبية من خلال عدسة تشوه في بعض الأحيان الصورة، ويجب البقاء عمليين وبراغماتيين». وتابع «يجب البقاء اوفياء لمبادئنا، واعتقادنا ان ليبيا بلد شقيق يجب العمل معه بكل صدق».
ولم تعلن الجزائر صراحة اعترافها بالمجلس الوطني الانتقالي ممثلاً وحيداً للشعب الليبي، لكنها اعترفت ضمنياً به في 22 أيلول بعد اعلان الاتحاد الافريقي اعترافه. وسمح لعائشة وشقيقيها هنيبال ومحمد، وصفية الزوجة الثانية لمعمر القذافي باللجوء في نهاية آب الماضي الى الجزائر «لأسباب محض انسانية» كما اكدت الجزائر.
ميدانياً، سيطر مقاتلو المجلس الانتقالي أمس على مقر قيادة الشرطة في وسط مدينة سرت، مسقط رأس الزعيم المخلوع، مضيّقين بذلك الخناق على من تبقى من المقاتلين الموالين للنظام السابق، حسبما أفاد مراسل فرانس برس في الميدان. ورداً على سؤال لـ«فرانس برس» حول متى يتوقع سيطرة قوات المجلس الانتقالي على سائر أنحاء المدينة، أجاب مسؤول الجبهة الشرقية وقائد كتيبة «ليبيا الحرة» ناصر المغاصبي «نحن تقريباً فعلنا ذلك، لم يبق تقريباً أي شيء» في أيدي قوات القذافي. وترتدي السيطرة على هذا المركز الأمني دلالات رمزية، بعد ايام من سيطرة الثوار على مبان ومراكز أخرى في سرت.
من جهة ثانية، أعرب قائد الحملة الجوية التي يشنها حلف شمالي الأطلسي على ليبيا الجنرال الأميركي رالف جوديس الثاني عن مفاجأة الحلف من الشراسة والتصميم التي يظهرها الموالون للعقيد معمر القذافي في مدينتي سرت وبني وليد.
وقال جوديس في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز» نشرت أمس «من المثير جداً كم هم مصممون وشرسون». وأضاف «فوجئنا جميعا بتماسك القوات الموالية للقذافي، وفي هذه المرحلة لا يرون سبيلاً للخروج».
وأشار إلى أن قوات القذافي في سرت وبني وليد تستغل الطابع المدني لتصعيب مهمة الأطلسي المتعلقة بحماية المدنيين، وقد انتشر فيهما القناصة والمسلحون الذين يرعبون السكان ويقومون بأعمال قتل وتخويف.
(أ ف ب، رويترز)