لأنّ حدث مؤتمر المعارضة السورية في الداخل كان استثنائياً، كان لـ«الأخبار» جولة على بعض الرموز المعارضة لاستقصاء آرائها في الحدث:
فايز سارة

في ردّه على سؤال عن قتل المدنيين في الشارع المعارض أو من العسكريين ورجال الأمن على حدّ سواء، قال المعارض فايز سارة: «مهما يكن انتماء من يراق دمه، فهو أمر محرم وغير مقبول. أما الاختلاف فهو أمر طبيعي علينا أن نعيشه جميعاً بطريقة سلمية ومحمية من قبل السلطة نفسها». وعلّق على بعض الموالين للنظام الذين تظاهروا بالقرب من قاعة المؤتمر، رافعين بعض الشعارات المسيئة التي اتهمت المؤتمرين من المعارضين بالخيانة، قائلاً «لست مستاءً من المتظاهرين في الخارج،

على العكس تماماً، إنها حالة صحية وصحيحة، ولست منزعجاً أبداً من التنسيقات الشبابية التي عارضت عقد المؤتمر. آن لنا في مملكة الصمت الطويل أن نكسر جميع القيود ويعبّر الجميع عن صوته بحرية وديموقراطية سليمة. هذا ما نريد تحقيقه ونعمل عليه، لأن من حقنا جميعاً البحث عن حلول لأزماتنا مهما كانت». كذلك رأى سارة أنّ عقد مؤتمر للمعارضة للمرة الأولى في دمشق، من دون تدخل أو مشاركة من قبل السلطة، «نقلة نوعية استثنائية»، واعتبر ذلك «بمثابة اعتراف رسمي ومباشر من قبل النظام بوجود معارضة سورية هنا على الأرض السورية، بعيداً عن الخطابات السياسية الخارجية. إنها حالة حضارية وإنسانية جديدة، عندما اجتمعنا من دون أن يتعرض لنا أحد».

لؤي الحسين

بدوره، وجّه المعارض لؤي الحسين انتقادات لاذعة لوسائل الإعلام الرسمي، لتبرير رفضه الإدلاء بأي تصريح لها، قائلاً: «أريد اغتنام فرصة الاجتماع الآن لأبيّن وجهة نظري في طبيعة الإعلام السوري، الذي طالما اعتبرته بعيداً تماماً عن الحرية، ويخرج دائماً وأبداً من الفروع الأمنية المختلفة التي طالما تنصّتت وراقبت إعلام البلاد». وأضاف أن «ما أتابعه على القنوات الإعلامية الرسمية ومن في حكمها لا يبتعد عن كونه تقارير أمنية بامتياز».
وفي الوقت نفسه، رفض الحسين اعتبار وجهة نظره في الإعلام السوري اتهاماً أو تشكيكاً في صدقيته، لأن «معاناة الإعلام السوري ليست وليدة اللحظة، بل هي حالة تعوّدناها عبر سنوات طويلة، إنها سيرورة الإعلام السوري التي عاقت مجمل الصحافيين السوريين عن العمل الخلّاق». وأشار إلى أنه «الآن باتت الفرصة سانحة لحدوث تغييرات جذرية واستثنائية في آلية تفكير الصحافيين السوريين ومجمل وسائل الإعلام الرسمي الوطني. سلطة الإعلام يجب أن تكون مطلقة، لا سلطة تعلو عليها سوى قوة المشاهد والشعب وأصحاب الرأي». وفي تعليقه على وجود عصابات مسلحة تستغل التظاهرات السلمية، وتطلق النار على المتظاهرين ورجال الأمن على حدّ سواء، ما سبّب تفاقم الأزمة السورية، رأى الحسين أنّ «كل من حمل سلاح وأطلق النار هو من شبيحة النظام، وكل من أطلق النار هو خصمي وعدوي وليس معي. علينا أن نبحث كيف وُجد هؤلاء المسلحين إن حقاً كانوا موجودين على أرض الواقع، ونقرر مسؤولية مَن ممارسات هذه الجماعات المسلحة». كذلك أشار إلى أنه إن كانت المجموعات المسلحة «موجودة فعلاً، فهذا نتيجة للعملية الأمنية التي كان ولا يزال يتبعها النظام والسلطة السوريين». وجدد تكراره أنّ «العنف لن يولّد سوى العنف، وهذا ما سيخلق جماعات تقوم بالتخريب وإطلاق النار وغيرهما من الممارسات الإجرامية»، محمّلاً الأمن وأجهزته المختلفة «مسؤولية وجود مثل هذه الممارسات أو الجماعات». وفي ردّه على سؤال عن مستقبل الحوار الوطني الذي بدأته المعارضة في أول مؤتمراتها، لفت إلى أنّ «هذا المؤتمر الذي عقد اليوم لم يهدد أمن سوريا، ولم يسقط سلطة، وعلى السلطة والنظام السوريين أن يثقا بهذه النخب السورية الوطنية التي تعمل جاهدة على النهوض بالوطن على أكتافها، وعليها أن تعمّم مفهوم الحوار والتعددية. للجميع حق القول وحق التعبير عن الرأي».

ميشال كيلو

في المقابل، رأى المثقف السوري المعارض ميشال كيلو أن هناك خطوات إجرائية يمكن أن تحدث فوراً، بما أنّ السلطة «تستطيع أن تعترف بالأحزاب غير الدينية، كذلك يمكنها أن تصدر دستوراً تعددياً انتخابياً، بدلاً من الاشتراكي القومي، حيث يضمن ذلك تجميد أو إلغاء المادة 8 من الدستور، كذلك يمكن أن تمنح السلطات رخصة لجريدة معارضة اليوم». لكنه يعود ليعرب عن خيبته، لأن «هذه الإجراءات لم تتَّخذ، ومن شأنها أن تكون الخطوة الأولى تمهيداً لبناء بيئة تفاوضية وإيجاد مخرج سوري وطني للأزمة». ورداً على سؤال عمّا إذا كان هناك إمكانية للسلطة للتخفيف من حدة الاحتجاجات، قال المعارض السوري لـ«الأخبار»: «هناك محور أساسي يجب التركيز عليه وهو القضاء، إذ لم يعد ممكناً الاستمرار بالوضع الحالي للسلطة القضائية، لأنّ على الدولة أن تنشئ لجنة قضائية عليا، يشرف عليها رئيس الجمهورية، ويتبع لها جهاز القضاء مباشرة». ولفت كيلو إلى «ضرورة إنهاء الحل الأمني وإعادة نشر الجيش مع تزويده بأوامر بعدم إطلاق النار على أحد، لأن الحل الأمني يتخذ لمواجهة المؤامرات، وهذا ما يقرّ به النظام. لكن الحقيقة أن البلد يمر في أزمة، والأزمة تواجه بالعقل والتغيير، ومنح الحريات وإعطاء هامش أكبر لتطبيق الديموقراطية».
و. ك، م. ش.